اندلعت عددٌ من الحرائق حول العالم في الآونة الأخيرة وفي وقت مبكر من هذا الموسم، فمن تركيا إلى اليونان، ومنها إلى البرازيل، والولايات المتحدة، لتلتهم تلك الحرائق ملايين الهكتارات من الغابات مساحات شاسعة من الأراضي، حيث دفعت موجات الحر الشديدة درجات الحرارة إلى مستويات مرتفعة للغاية، لتشتعل الحرائق في أوقات غير معتادة من العام، ما يضع تغير المناخ في موضع الاتهام.
ففي تركيا، وتحديدًا ولاية إزمير، اضطرت السلطات إلى إخلاء المنازل، بعد اشتعال حرائق جديدة في غابات منطقتي مندريس وتشيشمي بالولاية الواقعة غربي تركيا، وذلك بالتزامن مع حرائق اندلعت في الساعات الماضية في منطقة لالاباشا في أدرنة وغابات منطقة إيزين في ولاية تشاناكالي غربي تركيا، فيما اندلعت حرائق في منطقة أونيكيشوبات في كهرمان مرعش جنوبي البلاد.
وعلى الرغم من إعلان وزير الزراعة والغابات التركي إبراهيم يوماقلي، السيطرة على حرائق الغابات في مناطق سلجوق ومندريس وسوسورلوك في ولاية إزمير، إلا أن حرائق جديدة اندلعت مع ارتفاع درجات الحرارة، ورياح متوسطة إلى شديدة السرعة أسهمت في انتقال النيران إلى مواقع جديدة.
وفي اليونان، لا تزال السلطات تكافح من أجل السيطرة على الحرائق التي اندلعت بشكل مبكر للغاية قبل بدء موسم الحرائق فعليًا، وتهدد الحرائق العاصمة اليونانية أثينا، وعددًا من المناطق الساحلية في البلد الأوروبي الذي يشتهر بسواحله الجميلة.
الحرائق المستعرة المبكرة، دعت رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، إلى تحذير مواطنيه موسم صعب للغاية، إذ كتب عبر حسابه في "فيس بوك": "إن أوقاتًا صعبة تنتظرنا. جهودنا مستمرة باستخدام أدوات جديدة تساعد في بناء ثقافة جديدة من الوقاية والمسؤولية".
وتشهد اليونان في العادة عددًا كبيرًا من الحرائق، ولكن قد يزداد الوضع سوءًا هذا العام بعدما شهدت شتاءً هو الأقل برودة في تاريخها، فيما سجلت أقسى موجة حر مبكرة درجة حرارة بلغت 44 درجة مئوية.
وعلى المنوال نفسه، شهدت الولايات المتحدة عددًا من الحرائق المستعرة في ولايتي كاليفورنيا ونيو مكسيكو، الأمر الذي أدى إلى إجلاء آلاف السكان في الأسابيع القليلة الأخيرة، وفتح الملاجئ لاستضافتهم بعد التهام الحرائق لمنازلهم وآلاف الهكتارات من الأراضي الشاسعة.
كما كانت البرازيل مسرحًا لحرائق مبكرة هائلة قبل أسبوعين، تحديدًا في منطقة بانتانال البرازيلية، وهي أكبر الأراضي الرطبة الاستوائية في العالم.
وواجهت الغابات التي تعد موطنًا شهيرًا لحيوانات اليغور "الجاكوار"، وآكلات النمل العملاقة، وثعالب الماء النهرية العملاقة، هو موسم استثنائي للحرائق، نظرًا لكثافته الأكبر عن الأعوام السابقة، فضلاً عن توقيته المبكر.
في العادة، لا يربط علماء المناخ في العادة بين الحدث الواحد، وتغير المناخ، إلا أنهم يرون أن الاحتباس الحراري بشكل عام يتسبب في تكرار وحدة الظواهر الجوية المتطرفة، مثل سقوط الثلوج، أو شدة الحرارة، أو الفيضانات، أو الأعاصير.. وما إلى ذلك.
ووفقًا لستيفان دوير، مدير مركز أبحاث مختص في جامعة سوانسي بالمملكة المتحدة، فإن حرائق الغابات تتزايد بشكل عام وتشتعل بشكل أكثر خطورة.
ووجدت دراسة نشرت في يونيو أن تواتر وحجم حرائق الغابات الشديدة قد تضاعف على ما يبدو خلال العشرين عامًا الماضية.
وبحسب تقرير عام 2022 الصادر عن برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة، فإنه من المتوقع بحلول نهاية القرن، أن يرتفع عدد حرائق الغابات الشديدة في جميع أنحاء العالم بنسبة 50 %.
ويرى "دوير" أن العالم ليس مستعدًا بعد لتغير المناخ، إذ يقول: "من الواضح أننا لسنا مستعدين بما فيه الكفاية للوضع الذي نواجهه الآن".