دمار سد كاخوفكا.. مشاهد مروعة وعواقب خطيرة على سلة الغذاء في العالم
مع مشاهد الغرق والدمار الواسعة، أثار تدمير دمر سد كاخوفكا، مخاوف من تعطل إمدادات أوكرانيا من الحبوب وعلى رأسها القمح والشعير والذرة، إلى الدول النامية، وعودة ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالمياً، في الوقت الذي حذرت الأمم المتحدة من أن الأزمة "ستخلف عواقب جسيمة وواسعة".
وفي رد فعل سريع، ارتفعت الأسعار العالمية للقمح والذرة بعد ساعات من الإعلان عن انهيار السد الأوكراني، إذ صعدت أسعار القمح بنسبة 2.4 بالمائة في التعاملات المبكرة ببورصة شيكاغو التجارية، إلى 6.39 دولار للبوشل، كما ارتفعت أسعار الذرة بأكثر من 1 بالمائة، إلى 6.04 دولار للبوشل، حسب "سكاي نيوز عربية".
ماذا حدث؟
دمر سد كاخوفكا الواقع على نهر دنيبرو نتيجة انفجار، الثلاثاء، مما أغرق مساحات واسعة منها أجزاء مأهولة بالسكان.
وتوجه أوكرانيا التهمة في تفجير السد لروسيات، فيما نفي موسكو المسؤولية عن تفجير السد، لكنها تنفذ حملة ضربات جوية على نظام الطاقة الأوكراني.
وتقول كييف إن البنية التحتية لسدود أخرى تضررت.
ونشرت وسائل إعلام دولية، لقطات وصورا تظهر غرق مناطق شاسعة في منطقة خيرسون، حيث المنازل والمباني ابتلعتها المياه، وأصبح السكان كأنهم في جزر منعزلة، يعانون بشكل كبير.
تحذيرات دولية
حذر برنامج الغذاء العالمي، من "تداعيات مدمرة"، بالنسبة للأشخاص الذين يعانون الجوع على مستوى العالم جراء تدمير سد كاخوفكا الأوكراني.
ووفقاً للتقديرات الأولية، تتوقع وزارة الزراعة الأوكرانية أن تغمر المياه نحو 10 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية على الضفة الشمالية لنهر دنيبرو في منطقة خيرسون.
وأشارت الوزارة إلى أنه من المتوقع غمر أضعاف هذه المساحة في المنطقة الواقعة على الضفة الجنوبية للنهر والتي تحتلها قوات روسية.
واعتبر منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، مارتن غريفيثس، أن ما لحق بسد كاخوفكا قد يكون أكبر حادثة تدمير لبنية أساسية مدنية منذ بدء الحرب في أوكرانيا، مشددًا على أن تدمير السد "ضربة هائلة للنشاط الزراعي ويزيد مخاطر الألغام".
ومُنع سكان المناطق التي غمرتها الفيضانات في مناطق ميكولايف وخيرسون وزابوروجيا من صيد الأسماك وبيعها وأكلها، وسط تحذيرات من خطر الإصابة بالتسمم الغذائي.
تدمير المحاصيل
ووفق وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية، فهناك حقول زراعية ضخمة في جنوب أوكرانيا حيث انفجر السد، مما تسبب في تعريض المحاصيل للخطر في مسار مياه الفيضانات.
يقول كبير الباحثين في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، جوزيف جلوبر، إنه "في أي وقت تظهر علامات على تصاعد هذه الحرب، سيكون هناك الكثير من القلق، وسرعان ما تتفاعل الأسواق مع ذلك".
وفي ذات السياق، يرى المدير الإداري لشركة أبحاث الأسواق الزراعية في البحر الأسود، أندريه سيزوف، أن "انهيار السد بدا وكأنه تصعيد كبير له عواقب وخيمة ومخاطر كبيرة".
ومن المرجح أن تستمر التوقعات بشأن تراجع صادرات المواد الغذائية من أوكرانيا خلال الفترة المقبلة، إذ باتت كييف قادرة على تصدير 40 بالمائة من الحبوب، مما كانت عليه قبل عامين.
واعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن الدمار الناجم عن انهيار سد كاخوفكا قد يستغرق عقوداً لعلاجه، موضحة أن "فقدان الخزان سيعني أنه سيكون هناك مياه شرب أقل بكثير للمدن في المنطقة والري للحزام الزراعي المحيط به، وسيكون لذلك تأثير غير مباشر على إنتاج الغذاء، وعلى صادرات القمح والذرة وزيت عباد الشمس وفول الصويا، إلى بقية العالم".
معاناة الدول النامية
ونقل موقع "سكاي نيوز عربية" عن الخبير الاقتصادي محمد شادي، أن أوكرانيا بلد مهم للغاية في إنتاج وتصدير الحبوب، إذ تعد رابع أكبر دولة مصدرة له في العالم، وبالتالي فأي تأثير يحدث داخلها يلقي بظلاله بشكل مباشر على الغذاء في العالم أجمع، وبشكل خاص في القمح والذرة.
وبشأن تداعيات انهيار سد كاخوفكا على أزمة الغذاء العالمي، أوضح "شادي" أن: المنطقة التي انهار بها السد تنتج حوالي 6 بالمائة من إنتاج أوكرانيا من القمح، وهو ما يقارب 20.8 مليون طن، وبالتالي فحرمان العالم منها سيؤثر بشكل فادح.
بجانب ذلك فروسيا تحاول تقليل حجم ما تصدره أوكرانيا من الحبوب عبر اتفاقية البحر الأسود، أو باستهداف الأراضي الزراعية، وما حدث أمس يشير إلى انخفاض المعروض من القمح والذرة إلى الدول الفقيرة.
وهذا سيؤثر على كمية الغذاء المتاحة للعالم، وربما نشاهد موجة ارتفاعات جديدة في أسعار المواد الغذائية كالتالي عانى منها العالم منذ اندلاع الحرب.
وستتضرر الدول النامية بشكل كبير حال استمرار الوضع الراهن وعدم وجود تدخل لوقف هذا التصعيد، وستتأثر موازنات تلك الدول وسيتكبد ميزان المدفوعات أرقاماً أكبر، كما يكلفها ديوناً إضافية.
مستقبلاً ومع استمرار الصراع، إما سنشاهد ارتفاعاً متزايداً لمعدلات الجوع في العالم، او ارتفاعاً للديون، خاصة مع التشدد في السياسة النقدية على مستوى العالم.