كشفت دراسة علمية حديثة عن احتمال وجود كميات ضخمة من المياه السائلة في أعماق كوكب المريخ؛ مما يفتح آفاقًا جديدة في البحث عن الحياة خارج كوكب الأرض.
واستنادًا إلى بيانات جمعتها مركبة الهبوط "إنسايت" التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، على مدى أربع سنوات، توصل باحثون إلى أن خزانات كبيرة من المياه السائلة قد تكون متواجدة تحت سطح المريخ الخارجي.
وحسب وكالة "رويترز"، يقول الباحثون في الدراسة التي نُشرت في مجلة "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم"، إنه قبل أكثر من 3 مليارات سنة، لم يكن للمريخ بحيرات وأنهار فحسب؛ بل كان يضم أيضًا محيطات؛ غير أنه مع فقدان الكوكب لغلافه الجوي، اختفت هذه الأجسام المائية.
وفي حين يُعتقد أن بعض المياه فُقدت في الفضاء، فقد أشارت الأبحاث الأخيرة إلى أن هذه ليست القصة الكاملة، وأن المياه يمكن أن تكون قد اندمجت في المعادن، أو دفنت كجليد، أو حتى توجد في شكل سائل في أعماق قشرة الكوكب؛ وفقًا لما نقلته صحيفة "الجارديان" البريطانية.
ويقول باحثون إن حساباتهم تشير إلى وجود كميات هائلة من المياه السائلة محبوسة داخل الصخور على عمق يتراوح بين 11.5 و20 كلم تحت سطح المريخ الكوكب الأحمر.
وكشف فاشان رايت، وهو أحد المشاركين في الدراسة من معهد سكريبس لعلوم المحيطات في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، أن "تقديراتنا تشير إلى أن حجم المياه السائلة المتوفرة يتجاوز التقديرات السابقة لكمية المياه التي كان يُعتقد أنها ملأت المحيطات القديمة على سطح المريخ".
وصرّح "رايت": "نعلم أن المياه الجوفية على الأرض تتسرب من السطح لتصل إلى أعماق بعيدة في باطن الكوكب. ونحن نرجح أن عملية مماثلة حدثت على المريخ في الماضي، خاصة خلال الفترات التي كانت فيها القشرة العليا للكوكب أكثر دفئًا".
ومنذ هبوطها على الكوكب الأحمر في عام 2018، جمعت مركبة "إنسايت" بيانات زلزالية؛ إذ رصدت المركبة الاهتزازات الناجمة عن الزلازل المريخية؛ مما مكّن العلماء من دراسة كيفية انتشار الموجات الزلزالية عبر طبقات هذا الكوكب والكشف عن طبيعة المواد والعناصر المتواجدة تحت سطح الكوكب الأحمر.
ورغم عدم توفر وسائل لفحص المياه مباشرة في أعماق تحت سطح المريخ؛ أكد الباحثون أن نتائج الدراسة "تقدم رؤى ثمينة لفهم دورة المياه بالمريخ وتساعد في تفسير مصير المسطحات المائية القديمة على هذا الكوكب، كما أنها تعزز جهود البحث عن آثار حياة سابقة أو حتى حالية، وتوفر معلومات قيمة لتخطيط استغلال الموارد المحلية في البعثات المستقبلية إلى المريخ"؛ وفقًا لـ"رويترز".
وقالت صحيفة "الجارديان" البريطانية: إن الدراسة الجديدة تكشف أيضًا عن احتمالات أخرى مثيرة للاهتمام.
وصرّحت أستاذة علوم الكواكب في معهد كيك لدراسات الفضاء، بيثاني إهلمان، بأن من الضروري الآن إجراء قياس قاطع يُظهر ما إذا كان هناك مياه سائلة عميقة على المريخ من عدمه، وإذا كان الأمر كذلك، فأين توجد بالضبط.
وأضافت: "على الأرض؛ حيث توجد المياه السائلة، توجد الحياة؛ لذا إذا كانت طبقات المياه الجوفية السائلة متواجدة على المريخ الآن، فهي هدف رئيسي في البحث عن الحياة".
بدوره، يؤكد جون وايد، الدكتور بجامعة أكسفورد، أنه لن يتفاجأ بوجود حياة على المريخ؛ مضيفًا: "في بداية تاريخه، كان المريخ ملائمًا للحياة البسيطة مثل الأرض، إن لم يكن أكثر".
كما قال ستيفن بانهام من كلية إمبريال لندن: إن تحديد المياه السائلة في القشرة الوسطى سيساعد أيضًا علماء الجيوفيزياء والجيولوجيا على فهم البنية الداخلية للمريخ وكيفية تشكيله.
ومع ذلك، أثار بانهام شكوكًا حول ما إذا كان يمكن أن توفر هذه المياه موردًا للبعثات المأهولة إلى المريخ.