

كشفت دراسة رائدة أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، عن وجود 11 منطقة جينية مرتبطة بما يُعرف بـ "رفض تأجيل القرارات طمعًا في مكافأة فورية"، وهو سلوك يُعرف بالاندفاعية وقد يتسبب في مجموعة من المخاطر الصحية والنفسية.
ووفقًا لتقرير نشره موقع "ميديكال إكسبريس"، حلّل الباحثون بيانات جينية شاملة لأكثر من 135 ألف مشارك عبر موقع "23andMe"، وحددوا 93 جينًا مرشحًا لهذا السلوك، تتشارك في إشارات الدوبامين، ونمو الخلايا العصبية، والمسارات الأيضية؛ وهي أنظمة مرتبطة بالفعل بحالات مثل السمنة والاكتئاب والألم المزمن.
وقالت الدكتورة ساندرا سانشيز-رويج، المؤلفة الرئيسية للدراسة: "إن اتخاذ القرارات المتسرعة أمر نمرّ به جميعًا، لكن من الصعب تحديد جذوره البيولوجية بدقة"، وأضافت: "تشير النتائج إلى أن تجاهل التأخير ليس مجرد ميل سلوكي، بل هو مرتبط بعمق بالمسارات الجينية المسؤولة عن نمو الدماغ والإدراك والصحة الجسدية".
ووجدت الدراسة، التي نُشرت في مجلة "الطب النفسي الجزيئي"، ارتباطات جينية بين سلوك رفض التأخير و73 سمة أخرى، من بينها تعاطي المخدرات، واضطرابات المزاج، ومشكلات الجهاز الهضمي، وأنماط النوم. وكشف تحليل الشبكة عن آليات بيولوجية متداخلة، خاصة في الإدراك والتمثيل الغذائي والسلوكيات الخارجية، مما يشير إلى أساس جيني مشترك للاندفاعية في معظم حالات الصحة العقلية.
واللافت أن كثيرًا من هذه الارتباطات الجينية بقيت ذات دلالة حتى بعد أخذ مستوى الذكاء والتعليم في الاعتبار، ما يُشير إلى وجود مكون وراثي مستقل.
وطوّر الفريق البحثي درجات جينية لقياس الاستعداد الوراثي للسلوك الاندفاعي، واختبروها على بيانات 66 ألف مريض في المستشفيات، ووجدوا ارتباطًا بين هذه الدرجات و212 حالة طبية، منها السكري من النوع الثاني، ومرض القلب الإقفاري، واضطرابات تعاطي التبغ.
وقالت الدكتورة هايلي ثورب، المشاركة في الدراسة: "تبرز النتائج كيف أن اتخاذ قرارات اندفاعية قد يؤثر على المخاطر الصحية طويلة الأمد".
ورغم أهمية النتائج، شدّد الباحثون على ضرورة التحقق السببي واستكشاف تأثير العوامل البيئية، مثل الوضع الاجتماعي والاقتصادي، في هذا السلوك.
واختتمت سانشيز-رويج قائلة: "رفض التأخير سلوك يمكن قياسه، وله قابلية وراثية كبيرة، ويرتبط بعدة جوانب من الصحة. من خلال مواصلة دراسة هذه الآلية الأساسية في اتخاذ القرار، قد نفتح آفاقًا جديدة للوقاية والعلاج".