رغم مرور 12 يومًا على الزلزال الكبير الذي ضرب جنوب تركيا وأجزاءً واسعة من سوريا، لم تتوقّف توابعه ممثلة في الهزات الأرضية من حينها حتى الآن، حيث تم تسجيل آلاف الهزات، فيما بلغت أحدث إحصائية لضحايا الزلزال رقم 44 ألف حالة وفاة في تركيا وسوريا.
وحسب مدير عام مخاطر الزلازل والحد منها في إدارة الكوارث والطوارئ التركية أورهان تاتار، فإن تركيا تعرضت لنحو 4700 هزة ارتدادية منذ الزلزال الذي ضربها في ٦ فبراير الجاري.
تحديدًا، يتم تسجيل هزة ارتدادية كل 4 دقائق، لكن معظم توابع الزلزال هذه محسوسة، وهناك العديد من التوابع بلغت قوتها 3.5 درجة وما فوق، لكن توابع الزلزال التي بلغت قوتها 4 وما فوق وصلت لنحو 40، كما يقول تاتار الذي يرى أن "هذا الوضع غير عادي".
وسبب أنه غير عادي بتعبير الخبير التركي، أنه تم كسر 5 أجزاء مختلفة من منطقة صدع شرق الأناضول؛ ونتيجة لذلك حدث تمزق سطحي في نحو 400 كيلومتر.
الخبير الجيولوجي، يحيى القزاز، يفسر السبب العلمي وراء تواصل الهزات الارتدادية يقول: "قوة الهزات الارتدادية تتوقف على قوة التصادم خلال الزلزال الرئيسي، والزلزال سببه تصادم بين لوحين، وهما اللوح العربي واللوح الأناضولي، وعندما حدث تصادم بين اللوحين حدثت هزة عنيفة أثرت على الصدوع المجاورة لها، وقد تنقل الحركة مِن مكان الهزة الأصلية إلى أماكنَ أخرى، حيث يوجد في تركيا صدعان، صدع شرق الأناضول وصدع شمال الأناضول، وحدث كسر في القشرة الأرضية في صدع شرق الأناضول"، وفق "سكاي نيوز عربية".
وأضاف: "التصادم الذي جرى يبدو أنّه كان تصادمًا عنيفًا، نتيجة طاقة داخلية عنيفة في باطن الأرض، وطاقة باطن الأرض تحاول الخروج إلى السطح، وتتمثل في الهزات المختلفة التي تحدث عقب الزلزال، فكلما وجدت هذه الطاقة منفذا تحدث هزة ارتدادية، والهزات الارتدادية تكون أقل في القوة من الزلزال الأصلي، وعلميًا لا يمكن توقّع مدة زمنية لانتهاء الهزات الارتدادية حيث تنتهي بانتهاء الطاقة المسببة للزلازل.
أمر آخر ينبّه إليه الخبير الجيولوجي، هو أنه رغم أن أماكن الزلزال معروفة للكل، لكن من الصعب التنبؤ بحدوث زلزال، وعلى ذلك يطالب الدول الواقعة على نطاق أحزمة الزلازل، بمراعاة ما يسمّى بـ"الكود الزلزالي" للبناء على أراضيها، وعدم السّماح بتكدسات سكانية أو مجمعات صناعية في مناطق الزلازل؛ لأنّ هذا الأمر يؤدي إلى زيادة الكوارث وعدد الضحايا عند وقوع الزلزال.
الهزات الارتدادية هي زلازل صغيرة منخفضة الحجم، تحدث خلال أيام أو أشهر أو حتى سنوات بعد حدوث زلزال في مكان معين، وتُعَد الهزات الارتدادية تعديلات أرضية، وتحدث قرب المناطق التي تضررت أثناء الزلزال.
عندما يحدث زلزال يُنقل جزء مِن الطاقة المنبعثة من التصدع المفاجئ للصخور في باطن الأرض إلى الصخور القريبة إلى القشرة؛ ما يزيد مِن ضغوط الدفع والسحب والالتواء الموضوعة بالفعل عليها.
وعندما تكون هذه الضغوط أكبر من أن تتحملها الصخور، فإنها تنكسر أيضًا، وتطلق جولة جديدة من الطاقة المكبوتة، وتُحدِث صدوعًا جديدة في الصخر، وبهذه الطريقة، تُولّد الزلازل هزات ارتدادية قد تكون كبيرة بما يكفي لإعاقة جهود الإنقاذ من خلال زعزعة استقرار المباني والهياكل الأخرى.