"وَفِي أَنْفُسِكُمْ ".. دراسة: كيف تتكيف ادمغتنا مع التجارب المخيفة؟ ولماذا تعود للظهور في لحظات أخرى؟

"وَفِي أَنْفُسِكُمْ ".. دراسة: كيف تتكيف ادمغتنا مع التجارب المخيفة؟ ولماذا تعود للظهور في لحظات أخرى؟
تم النشر في

في اكتشاف علمي لافت، كشف فريق بحثي من جامعة الرور في بوخوم بألمانيا ومعهد باريس للدماغ كيف ينجح الدماغ في كبت الذكريات المخيفة بدلًا من محوها، وهو ما يفسر عودة هذه المخاوف والرهاب في مواقف جديدة رغم تجاوزه في بيئات سابقة.

ووفقاً لتقرير على موقع "ميديكال إكسبريس"، قدمت الدراسة رؤى قد تُحدث تحولًا في طرق علاج اضطرابات القلق والرهاب واضطراب ما بعد الصدمة.

وفي الدراسة التي نُشرت نتائجها في مجلة " Nature Human Behavior"، اعتمد الباحثون على فرصة نادرة لتسجيل النشاط العصبي مباشرة من أدمغة مرضى الصرع عبر أقطاب كهربائية مزروعة، ما أتاح لهم مراقبة طرق "انقراض الخوف" أثناء تفاعل المشاركين مع أشياء يومية مثل مجففات الشعر ومحمصات الخبز، وهي الأجهزة التي ارتبطت بحوادث ومواقف مخيفة في السابق.

وأوضح الباحث الرئيسي نيكولاي أكسماشر: "إن تعلم التخلص من الخوف قدرة أساسية ضرورية لدى الإنسان من أجل التكيف مع البيئة المتغيرة. لكن حادثة وذاكرة الخوف الأصلية لا تختفي، بل يكبتها الدماغ بشكل مؤقت، وهذا ما يفسر عودتها غير المتوقعة في بعض المواقف المشابهة".

فقد يتعلم المرء من خلال تجربة سيئة أن بعض الأجهزة الكهربائية (مثل محمصة الخبز) قد تكون خطرة في حال تعطلها، وبالتالي قد يتردد في استخدامها مستقبلًا.

ومع ذلك، قد يكتشف المرء بعد ذلك أن محمصات الخبز آمنة في بيئة مختلفة. وهذا ما يُسمى بتعلم الانقراض. الآن، من الجوانب اللافتة للنظر في تعلم الإنقراض أن ذاكرة الخوف الأصلية لم تختفِ تمامًا - فعند العودة إلى البيئة الأصلية، أو عند الانتقال إلى مكان جديد تمامًا، قد يعتقد المرء أن محمصات الخبز قد تكون خطرة مرة أخرى.

وكشفت الدراسة عن ثلاث طرق عصبية رئيسية يتعامل بها الدماغ مع الخوف:

-اللوزة الدماغية تظهر أنماط نشاط مرتبطة بالأمان لا التهديد فيشعر الشخص بالأمان.

-القشرة الجبهية الأمامية تنشيء مواقف دقيقة للحظات الذي حدث فيه انقراض الخوف (لا تخف من محمصة الخبز إنها آمنة الآن).

-عندما يفشل تعميم انقراض الخوف عبر البيئات المختلفة تعود ظاهرة " الخوف".

ويشير الباحثون إلى أن النتائج قد تعزز العلاجات السلوكية القائمة على التعرض عبر دمج سياقات متعددة ومتباينة داخل العلاج لحماية المرضى من عودة القلق في أماكن جديدة. كما يُخطط الفريق لاستخدام تقنيات الواقع الافتراضي لتجارب أكثر طبيعية، قد تكشف كيف تُبنى "سلاسل هرمية من الذكريات المثبطة" داخل الدماغ.

تؤكد الدراسة أن القضاء على الخوف ليس عملية بسيطة، بل نتيجة تعاون معقد بين الحُصين واللوزة الدماغية والقشرة الجبهية لتثبيت تمثيلات ومواقف دقيقة تحدد قدرة الفرد على التعايش بلا رهاب أو خوف في المستقبل.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org