يؤكد كتّاب ومحللون أمريكيون أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب لم يكن مجرد مرشح سياسي مشهور بل زعيم حركة سياسية، "أذل خصومه وجعلهم يرتعشون"، ويوم الثلاثاء الماضي تمكن هذا الزعيم الجمهوري من دفن التحالف الديمقراطي الذي ولد بفوز باراك أوباما في عام 2008.
وفي مقاله "لقد أذل ترامب خصومه" بصحيفة "بوليتيكو" الإلكترونية، يقول الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي جون اف. هاريس: "لم يسرق دونالد ترامب انتخابات 2024، لقد فاز بها بوضوح وشكل شامل".
ويوضح "هاريس" قائلاً: "حذر الديمقراطيون من أن ترامب وأنصاره مستعدون لاختطاف الديمقراطية. والآن يجب عليهم أن يعترفوا بأسف بحقيقة أخرى: إن حركة ترامب، بغض النظر عن مدى رعب المعارضين، هي تعبير قوي عن الديمقراطية".
وعن أحد أهم أسباب الهزيمة الساحقة، يقول "هاريس": "ليست كامالا هاريس وحدها التي يجب أن تستوعب حقيقة أن ترامب استجاب للمزاج الوطني بشكل أكثر مصداقية، في نظر نسبة أكبر من الأمريكيين مقارنة بها".
ويرصد "هاريس" فشل سياسة التنديد التي اعتمدها الحزب الديمقراطي والنخب الليبرالية لمهاجمة ترامب، ويقول: "إن ترامب لعنة على أغلبية كبيرة من خريجي الجامعات، بما في ذلك أعداد كبيرة من المحافظين والجمهوريين التقليديين، هؤلاء الذين يرسلون أطفالهم إلى الحرم الجامعي حيث يعد تحقير ترامب نوعًا من الإيمان.. وحتى وسائل الإعلام هاجمت ترامب على نطاق واسع، واعتبرته تهديدًا للمعايير الأمريكية ووصفته صراحة بأنه كاذب ومستبد محتمل".
وعن سر قوة "ترامب" وجاذبيته، يقول "هاريس": "إن ما يشكل الآن جزءًا مركزيًا من هذه الشخصية هو ما أسميته (مفارقة الازدراء )، فالناس ينجذبون إلى ترامب والازدراء الذي يعبر عنه تجاه خصومه، وخصوصًا ضد السياسيين الليبراليين ووسائل الإعلام، على وجه التحديد، بسبب الازدراء الذي يلقاه في المقابل. وهذا هو الخط المباشر لسياساته".
ويقول "هاريس": "إن عام 2024 لابد وأن يقنع المشككين في أمر كان واضحًا لأنصار ترامب منذ اللحظة، وهي أن ترامب ليس مجرد مرشح سياسي مشهور بل زعيم حركة سياسية، والتمييز بينهما مهم، فالسياسيون التقليديون يرون حياتهم المهنية تذبل في أوقات الخلافات والنكسات، لكن قادة الحركات السياسية، مثل الشخصيات النادرة في التاريخ الأمريكي، يستمدون طاقتهم من ينابيع عميقة للهوية الثقافية والمظالم والتطلعات، إنهم مثل الإعصار فوق المياه الاستوائية، يزدادون قوة مع ما يواجهون من خلافات ونكسات.
ويضيف "هاريس": "إن ترامب يمثل حركة كاملة وليس تقاربًا عشوائيًا للأمريكيين صنعته الظروف، ويمثل ترامب نوعًا أمريكيًا معينًا من السياسيين، وهذه الشخصيات تستغل تيارات حقيقية من المظالم ضد النخب والسياسة المعتادة التي يمثلها الديمقراطيون، وفي لحظة توهج هؤلاء السياسيين يندفعون مثل المذنب عبر السماء، مما يتسبب في انكماش الساسة التقليديين وارتعاشهم".
وفي مقال بعنوان "انتخابات 2024 دفنت ائتلاف باراك أوباما" يقول الكاتب الأمريكي ديفيد ويجل بموقع "سيمافور": "لقد خسروا جميعًا، وكذلك خسرت نظرية التحالف الديمقراطي الجديد التي ولدت بفوز باراك أوباما في عام 2008، وكادت تموت مع مفاجأة ترامب في عام 2016، ودُفنت ليلة الثلاثاء.. مادام دونالد ترامب يقود الحزب الجمهوري فإن الجمهوريين يتمتعون بجاذبية أوسع بين الناخبين غير المتعلمين في الكليات الذين كانوا ديمقراطيين في السابق".
ويكشف "ويجل" عن أسباب هزيمة التحالف الديمقراطي ويقول: "هل كان ذلك ليحدث من دون التضخم الذي يتسبب بزيادة الأسعار؟ ربما، لقد كانت اتجاهات التضخم ثابتة قبل أربع سنوات، ويومها لم يدرج ترامب التضخم كأزمات ستتكشف إذا فاز جو بايدن، وتغير الأمر هذه المرة.. أيضًا استبعد قادة النقابات الرئيسيون دعم كامالا هاريس، لأنهم ألقوا باللوم على سياسات بايدن الحدودية للسماح بدخول مخدرات الفنتانيل إلى البلاد وتعريض أبناء المجتمع الأمريكي للخطر".
ويوضح "ويجل" أن "التحالف الديمقراطي الذي فاز في عام 2020 كان ملتزمًا بسياسات الحدود تلك، حيث شن حملة من أجل معاملة أكثر لطفًا لطالبي اللجوء، وهاجموا الطريقة التي يتحدث بها ترامب، ودعواته إلى "الترحيل الجماعي"، معتبرين أنها مروعة لدرجة أن الناخبين سيرفضونها ويرفضونه، وهو ما لم يحدث.. أيضًا كان التحالف الديمقراطي ملتزمًا بحقوق المتحولين جنسيًا، وهي القضية التي اعتبرها بايدن "قضية الحقوق المدنية في عصرنا"، وكان التحالف الديمقراطي يعتقد أن الجمهوريين أشرارًا ومختلين عقليًا، عندما شنوا حملة ضد المتحولين جنسيًا".