يسمى في الأوساط الطبية بـ"القاتل الصامت"؛ لأن معظم المصابين به لا تُلاحَظ عليهم أعراضه؛ فمن الممكن أن "يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى تلف جسم الإنسان ببطء على مدى سنوات قبل الشعور بالأعراض"؛ بحسب الأطباء المختصين، وإذا تُرك ارتفاع ضغط الدم خارج السيطرة؛ فقد يصيب الإنسان بإعاقة، أو أزمة قلبية قاتلة؛ برغم ذلك فحالات الارتفاع الشديد للمرض تتسبب في إصابة المريض بالصداع أو ضيق التنفس أو الدوار أو ألم الصدر وتسارع دقات القلب، وقد يؤدي إلى نزيف الأنف.
فما تعريف ضغط الدم؟ وما خطورته؟ وكم عدد المصابين به في العالم؟ وكيف يساعد الصوم في ضبطه؟
اعتلال مستمر
تُعرّف منظمة الصحة العالمية مرضَ ارتفاع ضغط الدم، بأنه اعتلال تحدث فيه زيادة مستمرة في الضغط داخل الأوعية الدموية؛ مما يجعلها تحت إجهاد مرتفع، ومع كل ضربة من ضربات القلب، يضخ الدم في الأوعية التي تحمل الدم في الجسم، وينشأ ضغط الدم عن قوة دفع الدم في الشرايين أثناء ضخه من القلب، وكلما ارتفع ضغط الدم اشتد ضخ القلب للدم، ويتكون ضغط الدم من رقمين هما الضغط الانقباضي والضغط الانبساطي، ويتراوح ضغط الدم الانقباضي الطبيعي أثناء الراحة بين 100- 140مم زئبق (القراءة العليا) والانبساطي بين 60- 90 مم زئبق (القراءة السفلى)، ويعتبر ضغط الدم مفرطًا إذا كانت قيمته تبلغ أو تزيد على 140/90 مم زئبق باستمرار.
وارتفاع ضغط الدم سبب رئيسي ومباشر لعدد من الأمراض المزمنة والمميتة، ووفقًا لموقع "مايوكلينك"؛ يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى النوبة القلبية أو السكتة الدماغية، وتصلب الشرايين وزيادة سماكتها، وتمدد الأوعية الدموية، وفشل القلب في ضخ الدم نتيجة لمقاومة الضغط العالي في الأوعية، وتلف الكليتين وفقدان الرؤية بسبب الأوعية الدموية المتضخمة والضيقة والممزقة في العينين، ومتلازمة الأيض وهي مجموعة من الاضطرابات التي تصيب أيض الجسم؛ فترتفع نسبة الدهون الثلاثية وينخفض مستوى الكوليسترول الجيد، وترتفع مستويات الأنسولين، كما يتسبب ارتفاع ضغط الدم في مشاكل في الذاكرة والفهم.
تهديد هائل
أما عن عدد المصابين به وعدد ضحاياه؛ فقد أوضحت منظمة الصحة العالمية أن عدد المصابين بارتفاع ضغط الدم في العالم، يزيد على واحد من بين كل 5 بالغين؛ لافتة إلى أنه "يتسبب في نحو نصف جميع الوفيات الناجمة عن السكتات الدماغية وأمراض القلب، كما تتسبب مضاعفات الارتفاع المفرط به في 9.4 مليون وفاة على نطاق العالم كل عام"، وإذا كان عدد سكان العالم يصل في بداية 2019 إلى 7.67 مليار؛ وفقًا لمؤسسة سكان العالم الألمانية؛ فإن الحد الأدنى لعدد المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم لا يقل عن مليار مصاب، وهذه الإحصائيات تكشف عن مدى تهديد المرض لحياة عدد هائل من البشر يزيد على خُمس سكان العالم.
وأثبتت الدراسات العلمية، أن الصوم علاج لارتفاع ضغط الدم، ويضبط مستواه عن طريق التحكم في المسببات التي تؤدي إلى ارتفاعه؛ إذ يعمل الصوم على تقليل نسبة الدهون والكولسترول الضار في الجسم، ويقلل تناول الملح، ويشيع الراحة والطمأنينة في النفس؛ مما يؤدي إلى تقليل مضاعفات ضغط الدم؛ خصوصًا أنه مقترن بحدوث انفعال مفاجئ كالغضب. وخلُصت دراسة أجريت على 17 شخصًا مصابًا بمرض ارتفاع ضغط الدم؛ إلى أن صيام رمضان لا يؤثر على توازن ضغط الدم إذا استمر الصائم في تناول الدواء بين الإفطار والسحور، ومن المعلوم أن الحفاظ على مستويات ضغط الدم المتوازنة من أهم عوامل علاج ضغط الدم المرتفع، وينصح الأطباء بمراجعة مريض ضغط الدم لطبيبه المعالج خلال الصيام لتقليل جرعة الدواء؛ لأن الصوم يؤدي إلى ضبط ارتفاع ضغط الدم بشكل طبيعي من خلال تحسين أداء وظائف الجسم، والتحكم في مسببات المرض ويحمي الإنسان من شروره.