الضحية منتخب عربي.. قصة "فضيحة خيخون" التي غيرت قوانين كأس العالم قبل 40 سنة
سيحتار متابعو مباريات كأس العالم، بدءا من الثلاثاء، مع لعب المباراة النهائية بدور المجموعات، وذلك حتى نهايته في 2 ديسمبر، أي مباراة سيشاهدونها مباشرة. فعلى سبيل المثال ستلعب ويلز وإنجلترا في نهائيات الدور الأول بالتزامن مع مباراة إيران والولايات المتحدة الأمريكية.
فمنذ العام 1982، تقام آخر مباراتين في الدور الأول من كأس العالم ضمن المجموعة عينها في الوقت نفسه، يأتي ذلك ضمن سياق خطة وضعها الاتحاد الدولي لكرة القدم بعد فضحية خيخون خلال العام 1982، والتي كان ضحيتها منتخب عربي كان يستحق الـتأهل، لولا مؤامرة دبرت له.
نظام التأهل إلى الدور الثاني
من المعروف أنه في الدور الأول، يلعب 32 منتخبا في النهائيات وتوزع الفرق على ثماني مجموعات، فيكون هناك في كل مجموعة 4 منتخبات.
ويخوض خلال هذا الدور كل منتخب ثلاث مباريات. ويتأهل إلى الدور الثاني بطل ووصيف كل مجموعة. وفي حال التعادل بعدد النقاط بين المنتخبات، يتم اللجوء إلى فارق الأهداف.
أي فضيحة حدثت عام 1982؟
تعاونت ألمانيا الغربية والنمسا في الدور الأول من كأس العالم عام 1982 لإخراج الجزائر من البطولة، والتأهل سويا إلى الدور الثاني الذي يضم 16 منتخبا.
ففي 25 يونيو من العالم 1982، لعبت ألمانيا الغربية ضد النمسا في خيخون، بإسبانيا، في المباراة النهائية من الدور الأول لكأس العالم.
وحينها كانت ألمانيا الغربية مرشحة إلى جانب البرازيل، للفوز بكأس العالم، إلا أنها كي تتأهل للدور الثاني كان عليها التغلب على النمسا.
ووفقا لنظام التأهل، والنقاط التي كانت محرزة حينها، حسمت النتيجة أنه إذا فازت ألمانيا الغربية بأقل من ثلاثة أهداف، يمكن لكلا الفريقين ( ألمانيا والنمسا )، الانتقال إلى الدور التالي على حساب الجزائر، الشريكة في المجموعة، التي ستخرج من البطولة.
لذلك توقع الجماهير أن تكون مباراة 25 يونيو صاخبة في ملعب إلمولينون بين ألمانيا والنمسا، إلا أن الأمر لم يكن كذلك، فالفريقان يعلمان كيف يمكن أن يتأهلا سويا، ولعبا المباراة على هذا الأساس.
كانت الخطة كانت أن تفوز ألمانيا الغربية بهدف واحد يجب تسجيله، لتنتقل مع خصمها إلى الدور الثاني.
مباراة شركاء الجريمة المشينة
لم يخيب المنتخب أمل المشجعين خلال الدقائق العشر الأولى من اللعب، فقد كان أداء المنتخب الألماني على مستوى مرتفع، وهاجم الجانب الألماني الغربي المنتخب النمساوي بقوة، وبعد عشر دقائق من اللعب أرسل هورست هروبيش كرة عرضية من بيير ليتبارسكي إلى الشباك ليمنح ألمانيا الغربية الأفضلية.
وبعد ذلك، اختفت فجأة الحيوية التي ميزت المباراة في الدقائق الأولى، وبدا فريق ألمانيا الغربية، الذي كان عدوانيا ومسيطرا، في حالة من التراجع بالأداء، فكان هناك تمريرات، ولكن لم يكن هناك أي هجمات.
وبالإضافة إلى هدف ألمانيا الغربية المبكر، كان هناك محاولة واحدة أخرى على المرمى خلال المباراة بأكملها.
إلا أنه وفي الوقت المتبقي بدا الخصمان وكأنهما شركاء.
فالألمان الغربيون، الذين سجلوا ما مجموعه 33 هدفا في ثماني مباريات تأهيلية، بما في ذلك فوزين على النمسا، بدوا فجأة راضين عن النتيجة 1-0.
وحينها انتهت مباراة الجزائر وتشيلي بفوز الجزائر، ولكن ألمانيا والنمسا حرمتا الجزائر من التأهل بتواطئهما في النتيجة.
الاعتراف بالفعل المشين
نفى الفريقان، حينها، أي نوع من الاتفاق قبل المباراة، لكن، بعد أكثر من 30 عاما، كشف اللاعب الألماني ماير أنهم تورطوا في مؤامرة منافية للأخلاق الرياضية. مشيرا إلى أنه يعترف بذلك من أجل "إراحة ضميره" على حد قوله.
وخلال المباراة، قال المعلقون النمساويون للمشاهدين أنه يمكنهم إيقاف تشغيل أجهزة التلفزيون الخاصة بهم، في حين وصف مذيع ألماني العرض الحاصل بأنه "مشين"، وقال إنه "لا علاقة له بكرة القدم"، وفق ما ورد في تقرير سابق لـ"نيو يوركر".
الجيل الذهبي
وتشكل المنتخب الجزائري آنذاك من لاعبين من الجيل الذهبي، كمهدي سرباح والاخضر بلومي ورابح ماجر.
وشهد دور المجموعات مفاجآت كبيرة، إذ حقق المنتخب الجزائري نتيجة مميزة، ففجر مفاجأة كبرى، بهزيمته منتخب ألمانيا الغربية القوي بنتيجة 2-1.
وسجل آنذاك رابح ماجر الهدف الأول، إلا أن ألمانيا أدركت التعادل عن طريق هدف سهل سجله رومينيغيه، لتتقدم الجزائر مجددا بهدف للأخضر بلومي، وتنهي المباراة بهدفين لهدف.
هزيمة ألمانيا
ورغم تعاون ألمانيا الغربية والنمسا للتأهل إلى الدور الثاني، إلا أن ذلك لم يضمن فوز أي منهما في كأس العالم، فقد تم إقصاء النمسا في الدور التالي، وخسرت ألمانيا الغربية أمام إيطاليا 3-1 في النهائي.
تغيير قوانين كأس العالم
فضيحة "خيخون" دفعت "الفيفا" إلى تغيير قواعدها بشكل فوري لتهدئة غضب الجماهير.
وأعلنت الهيئة الإدارية للرياضة أن المباراتين الأخيرتين من دور المجموعات يجب أن تقاما في وقت واحد تلافيا لمشكلة مماثلة في المستقبل.
وقالت الفيفا حينها إنها لا تستطيع تغيير أو تعديل النتيجة، وأنها لا تستطيع تغيير مواعيد المباريات المتبقية لمونديال 1982، إلا أنها أعلنت قرارها ما جعل آخر مباريات دور المجموعات تلعب بالتزامن مع بعضها البعض في وقت واحد، لقطع الطريق أمام التآمر، أو التلاعب بالنتائج.