
فتحت الصين تحقيقاً مع شركة "إنفيديا" الأمريكية، للاشتباه في انتهاكها قوانين مكافحة الاحتكار فيما يتعلق بصفقة استحواذ عام 2020، في استهدافٍ لعملاق الذكاء الاصطناعي، في ظل تصاعد القيود الأمريكية.
وحسب وكالة "بلومبيرغ"، بدأت إدارة الدولة لتنظيم السوق (SAMR) في الصين، تحقيقاً حول سلوك الشركة الأخير وظروف استحواذها على شركة "ميلانوكس تكنولوجيز" Mellanox Technologies، حسبما أعلنت الحكومة في بيان.
كانت هذه الخطوة ضد "إنفيديا" هي أحدث رد من بكين على القيود التكنولوجية الأمريكية المتصاعدة، وتأتي بعد أسبوع واحد فقط من حظر الحكومة الصينية صادرات عديدٍ من المواد ذات التطبيقات التقنية والعسكرية.
ارتفعت القيمة السوقية لشركة "إنفيديا" هذا العام بسبب الطلب على الرقائق التي يمكنها تشغيل برامج الذكاء الاصطناعي؛ ما يجعلها واحدة من أكثر الشركات قيمة في الأسواق العامة، وأبرز هدف للصين في الحرب التجارية التقنية حتى الآن.
قالت شركة إنفيديا، في بيان لها، إنها ستكون "سعيدة بالإجابة عن أيّ أسئلة قد تكون لدى الجهات التنظيمية حول أعمالنا".
ذكرت الشركة، التي يقع مقرها في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا: "تفوز (إنفيديا) بجدارة، كما ينعكس ذلك في نتائجنا والقيمة المقدَّمة للعملاء، ويمكن للعملاء اختيار أيّ حلٍ هو الأفضل بالنسبة لهم"، وأضافت: "نحن نعمل بجدٍ لتوفير أفضل المنتجات التي نستطيع تقديمها في كل منطقة، والوفاء بالتزاماتنا في كل مكانٍ نمارس فيه أعمالنا".
وافقت الصين على استحواذ "إنفيديا" على "ميلانوكس" مقابل 7 مليارات دولار، بشرط أن تقدّم شركة تصنيع معدات الشبكات الحاسوبية الإسرائيلية معلومات حول المنتجات الجديدة للمنافسين في غضون 90 يوماً من إتاحتها لشركة "إنفيديا".
تحصل شركة "إنفيديا" على نحو 15% من إيراداتها من العملاء في الصين، بحسب أحدث تقرير مالي للشركة.
تراجعت أسهم الشركة بنسبة 3.7% إلى 137.13 دولار في تعاملات نيويورك يوم الإثنين؛ كانت قد ارتفعت بنسبة 188% هذا العام حتى نهاية الأسبوع الماضي.
سعت واشنطن إلى إبطاء تطوير الصين لتكنولوجيا الرقائق المتقدّمة ومنعت "إنفيديا" من بيع أشباه الموصلات الأكثر تقدماً للشركات هناك. كما دفعت الولايات المتحدة حلفاءها إلى القيام بخطوات مماثلة.
وضغطت إدارة "بايدن" على الحكومة الهولندية لمنع شركة "أيه إس إم إل هولدينغ"- ASML Holding، التي تحتكر الآلات التي تصنع أكثر الرقائق تقدماً، من بيع معداتها المتطورة للصين أو حتى صيانتها.
أثارت القيود على الصادرات ردود فعل حادة من بكين، التي استهدفت بدورها شركات أمريكية. وحذرت "مايكرون تكنولوجي" (Micron Technology) العام الماضي من أن نصف مبيعاتها المرتبطة بعملاء صينيين قد تتأثر بسبب تحقيقات "الأمن السيبراني" التي تجريها الحكومة الصينية.
قالت هيئة تنظيم الأمن السيبراني في الصين، إن منتجات "مايكرون" فشلت في اجتياز المراجعة، وأصدرت قراراً بحظر استخدام رقائقها في "البنية التحتية الحيوية".
ولا يبدو أن الصين فقط هي التي تستهدف شركة "إنفيديا"، فقد اجتذبت هيمنة "إنفيديا" على سوق شرائح الذكاء الاصطناعي، التدقيق في الولايات المتحدة وخارجها. أصبحت وحدات معالج الرسوميات الخاصة بالشركة، التي أصبحت شائعة لأول مرة في ألعاب الفيديو، ضرورية بشكلٍ متزايدٍ للأنظمة الجديدة المستخدمة لتدريب نماذج اللغة الكبيرة وأنظمة الذكاء الاصطناعي الأخرى.
في حين تعمل شركات، مثل "أمازون"، على تخفيف قبضة "إنفيديا" على السوق، إلا أن الطلب الهائل على الرقائق في الوقت الحالي جعل أسعارها تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات، مع ندرة في المعروض.
في الولايات المتحدة، كانت وزارة العدل قد طلبت معلومات هذا العام حول ما إذا كانت "إنفيديا" قد انتهكت قوانين مكافحة الاحتكار بحسبما ذكرته "بلومبيرغ نيوز".
وقال مسؤولون مطلعون على الأمر إن مسؤولي مكافحة الاحتكار كانوا قلقين من أن الشركة تعرقل التحوُّل إلى موردين آخرين، وتعاقب المشترين الذين لا يستخدمون رقائق الذكاء الاصطناعي الخاصّة بها حصرياً.
كما استهدفت فرنسا، الشركة، حيث فتحت الجهات التنظيمية تحقيقاً حول استخدام رقائقها في تطبيقات الذكاء الاصطناعي العام الماضي. وقد تواجه الشركة اتهامات احتكارية "في يومٍ من الأيام"، وفقاً لرئيس هيئة المنافسة الفرنسية بينوا كويريه.
كما بدأ الاتحاد الأوروبي تحقيقاً مماثلاً عام 2023 لفحص ممارساتٍ يُشتبه في أنها مناهضة للمنافسة في سوق رقائق الذكاء الاصطناعي.
ويبقى التساؤل: هل تصبح "إنفيديا" ضحية قوتها المهيمنة على سوق إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي؟! وهل تنجو الشركة من حرب الرقائق بين القطبَيْن الصين والولايات المتحدة؟