بعد إجراء أكثر من 200 مقابلة، وتمشيط سجل هاتفه وبحثه على الإنترنت، جمع المحققون الفيدراليون صورة أولية عن شخصية توماس ماثيو كروكس، الذي سعى لاغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب؛ حيث وجدوا أن "كروكس" كان شخصًا ذكيًّا ومنعزلًا غير ملفت للانتباه، أبدى اهتمامًا بالأسلحة النارية، ولم يكن صريحًا في آرائه السياسية، لكن الملف الشخصي لـ"كروكس" بعد نحو أسبوع من إطلاق النار ترك السلطات في حيرة بشأن دافعه للهجوم، وجعل المحققين يتكهنون بأن نواياه ربما كانت أقل دافعًا سياسيًّا، وأكثر تركيزًا على مهاجمة الهدف الأكثر بروزًا بالقرب منه.
ولا يزال التحقيق في مراحله الأولى، كما يقول المسؤولون؛ ومع ذلك يبدو "كروكس" في بعض النواحي مشابهًا للعشرات من الشبان الآخرين الذين أحدثوا دمارًا في جميع أنحاء الولايات المتحدة باستخدام بنادق هجومية عالية القدرة في السنوات الأخيرة، وكان لديه عدد قليل من الأصدقاء المقربين، وكان يذهب غالبًا للرماية في ميدان رماية محلي، ولم يبدُ أنه يحمل آراء قوية تشير إلى دافع سياسي للاغتيال؛ وفقًا لمقابلات أجرتها شبكة "سي إن إن" مع مسؤولي إنفاذ القانون، ومراجعة ملاحظات من إحاطة للكونجرس.
وبالإضافة إلى الرئيس السابق، بحث "كروكس" على الإنترنت عن الرئيس جو بايدن وكان لديه صور على هاتفه لشخصيات بارزة أخرى من كلا الحزبين، وبحث عن موقع تجمع "ترامب"، وكذلك عن المؤتمر الوطني الديمقراطي القادم، كما تقول ملاحظات الإحاطة، واكتشف أن "ترامب" كان يخطط للظهور على بُعد ساعة واحدة بالسيارة من منزله في ضواحي بيتسبرغ.. يشير هذا إلى أن "كروكس" ربما كان يبحث عن تنفيذ إطلاق نار عالي المستوى، وقدّم حدث "ترامب" القريب والتوقيت المناسب الفرصةَ الأكثر سهولة، كما تكهن المسؤولون الفيدراليون.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان "كروكس" ينوي تنفيذ هجوم أكبر بكثير وبدأ بـ"ترامب"؛ لأن ذلك كان الطريقة لاكتساب أكبر قدر من الشهرة.
وبحث "كروكس" أيضًا عن معلومات حول مطلق نار جماعي آخر مؤخرًا قتل أربعة من زملائه في مدرسة ثانوية في ميشيغان عام 2021، وعمليات البحث على الويب عن ذلك المهاجم "إيثان كرامبلي" تتوافق مع ما رآه مسؤولو إنفاذ القانون في مطلقي النار الجماعيين الآخرين، الذين يبحثون عن أشخاص يرغبون في تقليدهم، جزئيًّا، كوسيلة لتكوين فكرتهم الخاصة عن كيفية القيام بشيء أكبر، كما قال المسؤول الفيدرالي.
لكن هناك أيضًا اختلافات كبيرة بين سلوك كروكس وسلوك مطلق النار الجماعي النموذجي، في يوم الهجوم؛ إذ بدا أن "كروكس" كان يستهدف "ترامب" على وجه التحديد، وليس استهداف الحشود في محاولة لقتل أكبر عدد ممكن من الناس، على الرغم من أنه كان لديه متفجرات مرتجلة في صندوق سيارته، فليس من الواضح ما إذا كان يخطط لتفجيرها لقتل الناس أو كإلهاء.
وبالإضافة إلى ذلك، على عكس مطلقي النار الجماعيين الآخرين الذين غالبًا ما يتركون وراءهم كتابات لشرح هجماتهم؛ لم تعثر السلطات حتى الآن إلا على القليل من الأدلة، سواء في غرفة نوم "كروكس" أو على الإنترنت، وهذا الأمر يحبط الخبراء الذين يحاولون فهم عقليته، ويثير مقارنات مع ستيفن بادوك، المسلح الذي قتل 60 شخصًا في لاس فيجاس عام 2017. بعد ما يقرب من سبع سنوات من أكثر عمليات إطلاق النار الجماعي دموية في أمريكا، لا يزال المحققون لا يعرفون سبب إطلاق بادوك النار.
وأخبر أفراد عائلة "كروكس" المحققين بأنه لم يناقش السياسة بصراحة، ولم تُلقِ الأدلة التي تم العثور عليها في منزله مزيدًا من الضوء على قيمه السياسية أو أيديولوجيته؛ وفقًا لملخص تم مشاركته مع "سي إن إن" يفصّل إحاطة قدّمها مسؤولو مكتب التحقيقات الفيدرالي والخدمة السرية الأمريكية للمشرعين الأربعاء الماضي.
وخلُصت ماري إلين أوتول، وهي محللة نفسية سابقة في مكتب التحقيقات الفيدرالي، إلى أنه بناءً على الأدلة التي تم جمعها حتى الآن، أعتقد أن تجمع "ترامب" كان جذابًا جدًّا لـ"كروكس" جزئيًّا؛ لأنه وقع في فنائه الخلفي، وهذا منحه اهتمامًا لا يصدق، ودفعه إلى نقطة أعتقد أنها السبب في اختياره لهذا الحدث.