

عندما تم تناوُل قصة ستورمي دانييلز، الممثلة والمخرجة السابقة للأفلام الإباحية، لأول مرة، لم يكن أحد من المقربين من الرئيس السابق دونالد ترامب يعتقد أنها ستكون السبب في إدانته ليصبح بذلك أول رئيس حالي أو سابق في تاريخ الولايات يدان بجرائم جنائية.
وأعلنت هيئة محلفين، تضم 12 مواطنًا عاديًّا من نيويورك، الخميس الماضي إدانة ترامب بجميع التهم الأربع والثلاثين الموجهة إليه في قضية تزوير مستندات محاسبية بهدف إخفاء مبلغ مالي دفعه لشراء صمت "دانييلز" قبل انتخابات 2016.
ووفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فقد اعتبر كبار مساعدي البيت الأبيض في تلك الفترة القصة بسيطة مقارنة بالمشاكل الأخرى التي واجهها الرئيس السابق.
ونقلت عن مساعدين سابقين القول إن ترامب ركز اهتمامه بشكل خاص على جانب واحد من القصة، هو مظهر "دانييلز"، بالقول: "هل تعتقدون أنه سيكون لدي أي علاقة بشخص يشبهها؟".
في يناير 2018، عندما نشرت "وول ستريت جورنال" خبرًا مفاده أن مساعد ترامب السابق مايكل كوهين رتب لدفع مبلغ 130 ألف دولار لـ"دانييلز"، لم يُثِر ذلك نوعًا من الذعر الذي قد يحدث عادة في أي إدارة أخرى.
وقال تاي كوب، الذي كان مستشارًا للبيت الأبيض في ذلك الوقت: "لا أذكر أنه كان حدثًا مهمًّا. لا أعتقد أن ترامب كان يعتقد ولو لدقيقة واحدة في ذلك الوقت أن الأمر سيكون معضلة كبيرة من الناحية القانونية".
تقول الصحيفة إن انقلاب "كوهين"، الذي تحوَّل من وسيط مخلص لترامب إلى خصم رئيسي له، قاد إلى إدانة رئيسه السابق بعد أن داهم عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي ممتلكاته في إبريل من عام 2018.
وفي أغسطس من ذلك العام أقر "كوهين" بأنه مذنب في ثماني تهم جنائية، بما في ذلك انتهاكات تمويل الحملات الانتخابية، وأخبر قاضيًا فيدراليًا بأن ترامب أمره بدفع مبالغ مقابل صمت "دانييلز " بشأن علاقة عابرة مع ترامب في 2006.
وفي عام 2018 علمت "وول ستريت جورنال" أن "كوهين" دفع لـ"دانييلز" مبلغ 130 ألف دولار باستخدام شركة استشارات، أسسها في ولاية ديلاوير لتحويل الأموال إلى ممثلي "دانييلز".
وعندما كشفت الصحيفة عن دفع أموال غير مشروعة للمرأة حاول الرئيس السابق تجاهل الأمر، لكن الأمر لم ينجح.
يقول أحد المساعدين السابقين لترامب: "لا أعتقد أن الناس أدركوا بالضبط مدى السوء الذي سيكون عليه الأمر". مضيفًا بأنه كان هناك "الكثير من الأشياء المجنونة الأخرى التي تفجرت في ذلك الوقت".
في تلك الفترة صدر بيان من "كوهين"، قال فيه إنه استخدم أمواله الخاصة لدفع ثمن صمت "دانييلز"، وأن الأموال لم تكن من حملة ترامب الانتخابية، ولا مؤسسة ترامب، وأن أيًّا منهما لم يعوض "كوهين".
تقول الصحيفة إن ذلك كان صحيحًا من الناحية الفنية، لكن ممثلي الادعاء خلصوا فيما بعد إلى أن "كوهين" تلقى أول شيك من أصل 11 شيك سداد على شكل خدمات قانونية في وقت لاحق.
وكان الشيك مؤرخًا في 14 فبراير من عام 2017، وهو من صندوق ائتماني، يضم شركات ترامب وأصوله. أما معظم الشيكات المتبقية فجاءت من ترامب شخصيًا.
وخلال جلسات محاكمة ترامب روى "كوهين" كيف أطلع الرئيس السابق على مبلغ قدره 130 ألف دولار، دفعه لـ"دانييلز" لشراء صمتها.
وفي تصريحات سابقة قال "كوهين" مرات عدة إن الرئيس ترامب لم يكن يعرف شيئًا عن هذه المدفوعات، وأنه فعل ذلك من تلقاء نفسه، وقد كررها مرارًا.
وكان "كوهين" يعتمد هذه الرواية في بداية القضية، لكنه عاد وغيَّر روايته أمام القضاء. وبعدما أقر بالذنب بتهم عدة حُكم عليه بالحبس ثلاث سنوات، قضى منها 13 شهرا وراء القضبان.
وأقر "كوهين" بأنه إضافة إلى المبالغ التي دفعها، وأعيدت له، تلقى مبالغ أخرى من منظمة ترامب، كان يفترض أن تسدد إلى أحد الزبائن، واحتفظ منها بمبلغ قدره 30 ألف دولار.