يعرض والد يزن الكفارنة، الطفل الذي وافته المنية قبل أيام قليلة نتيجة سوء التغذية في غزة، صورة ابنه قبل العدوان على الحاضرين الذين جاؤوا لمتابعة حالة نجله، وكان يتمتع بصحة جيدة آنذاك، إلا أنه مع ندرة الطعام بدا "الكفارنة" كما لو كان هيكلاً عظميًّا؛ فعيناه غائرتان، ووجهه شاحب، وجسده هزيل.
وهناك نحو 90% من أطفال غزة يواجهون مصير "الكفارنة"، وهو الموت؛ إذ كشف تقرير أممي عن أن 90% من الأطفال دون سن الثانية، و95% من النساء الحوامل والمرضعات، يواجهون فقرًا غذائيًّا حادًّا؛ ما يعني أنهم استهلكوا مجموعتين غذائيتين أو أقل في اليوم السابق، والطعام الذي يمكنهم الحصول عليه هو ذو قيمة غذائية منخفضة للغاية.
فبعد مرور ما يناهز 24 أسبوعًا على بداية العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، الذي حصد أرواح ما يزيد على 30 ألف شخص، بات الحصول على الماء النظيف والغذاء شبه مستحيل في ظل صعوبة تدفق المساعدات الإنسانية للقطاع وسط تعنت الاحتلال في تمريرها.
صعوبة الحصول على الطعام باتت مشكلة تؤرق المنظمات الأممية بعد تفشي سوء التغذية بين الأطفال؛ إذ حذر تقرير عن مجموعة التغذية العالمية، التي تقودها "اليونيسيف"، صدر قبل أسابيع قليلة، من مآل سوء التغذية، مشيرًا إلى أن طفلاً من بين كل ستة أطفال دون سن الثانية يعاني سوء التغذية الحاد في شمال غزة؛ فقد انقطعت المساعدات بشكل شبه كامل تقريبًا.
وأشار التقرير إلى أنه حتى في رفح، حيث كانت المساعدات متاحة بشكل أكبر، 5% من الأطفال في الفئة العمرية نفسها يواجهون المعاناة نفسها، وفقًا للتقرير المنشور على موقع الأمم المتحدة.
ووجد التقرير أن ما لا يقل عن 90% من الأطفال دون سن الخامسة في غزة مصابون بأمراض معدية، وأن 70% أصيبوا بالإسهال في الأسبوعَين الماضيَين للتقرير الصادر في النصف الثاني من شهر فبراير، أي بزيادة قدرها 23 ضعفًا مقارنة بعام 2022.
وقال تيد شيبان، نائب المدير التنفيذي لليونيسيف: إن غزة على وشك أن تشهد انفجارًا في وفيات الأطفال التي يمكن تفاديها؛ الأمر الذي من شأنه أن يضاعف مستوى وفيات الأطفال الذي لا يطاق بالفعل.
وذكر أن اليونيسيف حذرت من أن القطاع "على شفا أزمة تغذية"، وحذر من أنه إذا لم ينتهِ الصراع الآن "فسيستمر تدهور تغذية الأطفال؛ ما يؤدي إلى وفيات يمكن الوقاية منها، أو مشاكل صحية ستؤثر على أطفال غزة مدى الحياة، ولها عواقب محتملة عبر الأجيال".
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية قد كشفت اليوم عن ارتفاع عدد الشهداء لسوء التغذية والجفاف في غزة إلى 20 شهيدًا، كما أعلنت استشهاد طفل ومسن في مجمع الشفاء الطبي ومستشفى كمال عدوان نتيجة سوء التغذية.