بعد نقاشات وجدال واسع.. "ويكيبيديا" تصف حرب إسرائيل على غزة بـ"الإبادة الجماعية"

استندت لأدلة داعمة قدّمها خبراء وأكاديميون مختصون بقضايا الإبادة لإطلاق المصطلح
صفحة "الإبادة الجماعية لغزة" على ويكيبيديا ترجمت إلى 16 لغة عالمية
صفحة "الإبادة الجماعية لغزة" على ويكيبيديا ترجمت إلى 16 لغة عالمية ويكيبيديا
تم النشر في

اتخذت "ويكيبيديا"، موقفًا حاسمًا، بعد أشهر من الجدال، وقررت إعادة تسمية صفحة الموسوعة العالمية التي كانت معنونة في البداية باسم "ادعاءات الإبادة الجماعية في الهجوم الإسرائيلي على غزة في عام 2023"؛ لتصبح بعنوان "‎الإبادة الجماعية لغزة‎".

وبناءً على هذا التطور؛ ستكون الموسوعة الرقمية متعددة اللغات، التي ينشئ صفحاتها ويحررها متطوعون دوليون؛ قد أقرت حكمها الخاص بعد تصويت مساهميها.

وكان الأخذ والرد قد اتسع نطاقه على مستوى العالم بخصوص تصنيف حرب إسرائيل على غزة التي دخلت عامها الثاني قبل شهرين كإبادة جماعية، بعد أن تقدمت جنوب إفريقيا في 11 يناير 2024، بدعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية، الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، للحكم على تصرفات إسرائيل في غزة بأنها إبادة جماعية، واتخاذ تدابير تُجبرها على وقف الحرب.

وتَوصل محررو "ويكيبيديا" -الموسوعة حرة المحتوى التي تأسست 2001 واطلع على صفحاتها أكثرُ من 4.3 مليارات شخص عالميًّا- إلى استنتاج أن تهمة الإبادة الجماعية صالحةٌ بما يكفي لإزالة أي مواربة من عنوان الصفحة.

وبعد مناقشات طويلة، تَقرر أن هناك أدلة داعمة كافية من خبراء وأكاديميين مختصين بقضايا الإبادة لإطلاق مصطلح "الإبادة الجماعية" على حرب إسرائيل على غزة بعد توفر شروطها.

وينسجم قرار ويكيبيديا أيضًا مع خلاصات قدّمتها منظمات حقوقية مثل العفو الدولية، ولا يحمل أي ثقل قانوني ولكنه يتوقع أن يكون له تأثير ثقافي وسياسي في تشكيل الرأي العام العالمي.

واستدلت صفحة ويكيبيديا "الإبادة الجماعية لغزة‎" بقرابة 800 مصدر شملت تقارير إخبارية وصحفية وحقوقية وميدانية، وشملت تلك المصادر أكثر من 80 تقريرًا ضمن تغطية شبكة الجزيرة الإعلامية للحرب الإسرائيلية على غزة.

وتمت الإشارة إلى سياسيين إسرائيليين بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذين أشاروا إلى تدمير "العماليق" في (سِفري الخروج والتثنية بالعهد القديم).

وتبدأ الصفحة، المترجمة إلى 16 لغة بينها العربية والتركية والفرنسية والإسبانية والصينية والإندونيسية وغيرها؛ بالتأكيد على "اتهام الخبراء والحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني أثناء غزوها وقصفها لقطاع غزة في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس".

وتستدل الصفحة بعدد من الخبراء والأكاديميين بينهم فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية.

وتعتبر مسألة نوايا إسرائيل أحدَ الجوانب الرئيسية التي تظهر في النقاش حول ما إذا كانت الإبادة الجماعية تُرتكب حقًّا أم لا.. وتذكر الصفحة: "أشار مختلف المراقبين -بما في ذلك المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيز- إلى تصريحات لمسؤولين إسرائيليين تدل على "نية تدمير" سكان غزة، وهو شرط ضروري لتحقيق العتبة القانونية للإبادة الجماعية".

وركزت الصفحة -وفق ما أوردته "الجزيرة"- على أن اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 تُعَرّف الإبادة الجماعية على أنها أي من "الأفعال الخمسة المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة وطنية أو إثنية أو عنصرية أو دينية". وتشمل الأفعال المعنية قتل أعضاء الجماعة، وإلحاق أذى جسدي أو عقلي خطير بهم، وفرض ظروف معيشية تهدف إلى تدمير الجماعة، ومنع المواليد، ونقل الأطفال قسرًا خارج الجماعة.

ونوّهت الصفحة بأن "الإبادة الجماعية" هي جريمة ذات نية خاصة؛ يتم تنفيذها عمدًا، مع استهداف الضحايا على أساس العضوية الحقيقية أو المتصورة في جماعة محمية، وأدت إباداتٌ جماعية مثل الإبادة الجماعية في كمبوديا، والإبادة الجماعية في رواندا، ومذبحة سربرينيتشا البوسنية إلى محاكمات في المحكمة الجنائية الدولية.

وبعيدًا عن التعريف القانوني، استشهدت الصفحة بتعريفات أخرى بينها التعريف الأصلي لرجل القانون البولندي رافائيل ليمكين للإبادة الجماعية؛ إذ يعتبرها أوسع من التعريف الذي تَبَنّته الأمم المتحدة لاحقًا؛ وركّز على الإبادة الجماعية باعتبارها "تدمير الأسس الأساسية لحياة الجماعات الوطنية"، بما في ذلك الإجراءات التي تؤدي إلى "تفكك المؤسسات السياسية والاجتماعية، والثقافة واللغة والمشاعر الوطنية والدين والوجود الاقتصادي للجماعات الوطنية".

وتوجد 3 موضوعات مشتركة في تلك التعريفات: "يجب أن يكون العنف أو أي إجراء آخر متعمدًا ومنظمًا ومستمرًّا وواسع النطاق"، والفظائع انتقائية لمجموعة مميزة، و"يتخذ الجاني خطواتٍ لمنع المجموعة من البقاء أو التكاثر في منطقة معينة". وينظر إلى الإبادة الجماعية على أنها قمة الإجرام، وهي أسوأ من الفظائع الأخرى التي تؤدي إلى نفس القدر من الموت والدمار بين المدنيين؛ بحسب صفحة ويكيبيديا.

وتتضمن الصفحةُ موضوعاتٍ لها خلفية سياسية وتاريخية، وسرد لأفعال الإبادة الجماعية، وقسم عن الضحايا، وأقسام عن الخطاب الإبادي الجماعي ونية الإبادة الجماعية، والرأي الأكاديمي والقانوني، وتصريحات المنظمات السياسية والحكومات، والإجراءات القانونية، والتواطؤ الدولي، والخطاب الثقافي وأيضًا حواشي ومصادر خارجية ومراجع وقراءات أخرى.

ورأت الصفحة أن أفعال القتل المباشر والتجويع والتدمير المتعمد للبنية التحتية المدنية والهجمات على مرافق الرعاية الصحية وأفعال أخرى مثل الاعتقال والاحتجاز الجماعي العشوائي والقتل والحرق والاغتصاب والتعذيب واستخدام القوة المفرطة ضد المدارس والمستشفيات والسرقة والتدنيس والتشويه للمتوفين وعدم التمييز بين المسلحين والمدنيين وتدمير المواقع الثقافية والتعليمية وغيرها؛ هي أفعال تُرتَكب تحت تصنيف الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة.

وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 146 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتُواصل إسرائيل مجازرها متجاهلةً قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورًا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org