حذرت فرق الإنقاذ التي تبحث وسط الركام بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب، من أن البيوت التقليدية المبنية من الطوب اللبن والحجر والخشب، المنتشرة في منطقة جبال الأطلس الكبير، تقلل فرص العثور على ناجين.
وفي التفاصيل، قال أحد أفراد الإنقاذ العسكري بمركز للجيش جنوبي مدينة مراكش التاريخية، القريب من موقع الزلزال: "من الصعب انتشال أحياء لأن معظم الجدران والأسقف تحولت إلى تراب عندما سقطت، ودفنت من كان بالداخل ولم يغادر"، وفقاً لرويترز.
وذكرت وكالة الأنباء المغربية الرسمية في أحدث تقرير لها عن حصيلة الضحايا الاثنين أن أقوى زلزال يضرب المغرب منذ عام 1900 على الأقل أودى بحياة ما لا يقل عن 2681 شخصاً، كما أصيب آلاف آخرون وما زال كثيرون في عداد المفقودين.
وكانت المنازل التقليدية، التي يبلغ عمرها أحياناً مئات السنين وأحياناً أخرى ما يكون أحدث من ذلك، مشهداً يحظى بالشعبية بين السياح المسافرين إلى الجبل من مراكش، وفقاً لسكاي نيوز عربية.
وكثيراً ما تبني الأسر بنفسها هذه المنازل بنسق تقليدي ومن دون أي مساعدة من مهندسين معماريين، وتجري الأسر توسعات كلما استطاعت.
ومع عدم وقوع زلازل كبرى منذ وقت طويل، فكر قليلون في دراسة خطر وقوع هزات.
ومع بناء العديد من البيوت من الطوب اللبن والأخشاب أو الإسمنت وكتل النسيم (لبنة بناء مسامية خفيفة الوزن)، انهارت المباني بسهولة لتتحول إلى أكوام حطام عندما وقع الزلزال في وقت متأخر مساء الجمعة دون إتاحة جيوب هوائية يمكن أن توفرها المباني الخرسانية الجاهزة في مواجهة الزلازل.
وقال أنطونيو نوغاليس، منسق عمليات منظمة رجال الإطفاء المتحدون بلا حدود، وهو فريق إنقاذ إسباني، "مستوى الدمار.. شامل"، وذلك خلال حديثه من أمزميز الواقعة إلى الجنوب من مراكش التي تضررت بشدة جراء الزلزال.
وأردف نوغاليس "فرص النجاة أقل" من دون وجود جيوب الهواء التي يمكن لمباني الصلب والخرسانة توفيرها في حالة انهيارها، لكنه أكد على أن المنقذين لم يفقدوا كل الأمل بعد.
وأضاف: "لا نستسلم أبداً، أنا واثق أننا سننقذ بعض الأشخاص خلال الأيام المقبلة. نعتقد أنه ربما ثمة أشخاص في المباني المنهارة، وأنه ربما وُجدت جيوب من الهواء".
وقال خبراء إنه حتى المنازل أو المباني الخرسانية تفتقر في كثير من الأحيان لتصميم مضاد للزلازل في منطقة غير معتادة على مثل هذه الهزات القوية مما يترك الناجين وعمال الإنقاذ يتنقلون بين أكوام الأنقاض مع عدم وجود أي جدران تقريباً، حيث كانت تقف منازل ذات يوم.
وقال محمد إحساني أستاذ الهندسة المدنية المتفرغ بجامعة أريزونا "عند وجود أحمال الجاذبية، فلا بأس بذلك، لكن مع وجود ضغوط جراء زلزال، يمكن للمباني أن تنهار مثل الطين والوحل".
وقضى كثير من الناجين ليلة ثالثة في الخلاء بعد أن تهدمت منازلهم أو أصبحت غير آمنة، ومع كون أغلب منطقة الزلزال في مناطق نائية، لم يتضح الأثر الكامل للزلزال بعد.
وقال كولن تايلور أستاذ هندسة الزلازل المتفرغ بجامعة بريستول "يتمحور قرار الحكومة الكبير حقاً حول التأكد من استخدام قوالب الإنشاءات الحديثة في أي عملية لإعادة البناء. إعادة البناء بقالب الطوب اللبن هذا ستتسبب في كارثة تالية خلال 20 أو 30 عاماً".
وأضاف: "في بلدان مثل المغرب، توجد هذه المشكلة الكبرى المتمثلة في وجود عدد كبير من المنازل، وهو أمر ربما يعود تاريخه إلى مئات الأعوام، وإصلاح كل هذا العدد من المباني أو تقويته أمر شاق على المستوى الفني، وأمر مكلف جداً أيضاً".