تفاعل مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي في مصر بشكل واسع مع مقاطع فيديو لفتاة، تقود سيارة بسرعة كبيرة على أحد الطرق السريعة عكس اتجاه السير؛ لتكون نهايتها الوفاة بعدما اصطدمت السيارة بأخرى، واشتعلت فيها النيران.
وتفصيلاً، تم تصوير الحادثة من قِبل أحد الأشخاص الذي يحكي أنها كانت لفتاة تسير بسرعة 170 كيلومترًا في الساعة على طريق "الجلالة". وبعد نشر الفيديوهات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أثارت غضب عدد كبير من المتابعين، الذين قالوا إن الفتاة "أقبلت على الانتحار بجنون".
ويقول شعبان الدرندلي، استشاري الطرق، إن "الحادثة مرعبة بكل المعايير، ومن الواضح أن الفتاة تحاول الانتحار بقيادتها بتلك السرعة الجنونية على ذلك الطريق الدولي السريع".
وتابع الدرندلي: "إن الحادثة غير مبررة بالمرة. فالناحية الأخرى فيها سيولة مرورية كبيرة، وكان من الممكن أن تأخذ أول تقاطع ليُدخلها على الطريق السليم؛ وتتفادى ذلك الأمر، ولكنها فعلت أسوأ الاحتمالات بالقيادة عكس الاتجاه، وبسرعة جنونية، يصعب معها تفادي أي أخطاء".
وأشار استشاري الطرق إلى أن "مصر خلال السنوات الماضية قامت بتطوير خريطة الطرق؛ ومن ثم انخفضت نسب الحوادث، غير أن جنون السائقين وانعدام الكفاءة من بين الأسباب التي تودي بحياة الآخرين".
وكانت وزارة التخطيط المصرية قد أكدت في بيان أن ما تم ضخه من استثمارات على الطرق والجسور خلال السنوات الأربع الماضية تجلت نتائجه في آخر عامين من 2018 إلى 2020؛ إذ انخفضت وفيات حوادث الطرق بنسبة 5 في المئة خلال 2018- 2019، وبنسبة 44 في المئة سنة 2019- 2020.
وأوضح الدرندلي في حديثه مع موقع "سكاي نيوز عربية" أنه من أجل "تقليل الحوادث في مصر للمعدل العالمي لا بد أن تكون هناك رقابة على الطرق أكثر وأكثر، من حيث الرادارات ذات الكفاءة العالية، وشرطة الطرق التي تنتشر بكثافة، وتتدخل في وقت قياسي، فضلاً عن عدم إعطاء رخصة القيادة إلا لمن يستحق بعد عمل الاختبارات بشكل مثالي على الجميع بلا استثناء".
ووفقًا لبيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الذي صدر في يونيو الماضي، فقد ارتفع عدد الوفيات الناتجة عن حوادث السيارات في عام 2019 بنسبة 12.9 في المئة؛ ليصل إلى 3484 متوفَّى مقابل 3087 متوفَّى عام 2018.
وأشار بيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الذي صدر في يونيو الماضي إلى أن عدد الحوادث التي شهدتها مصر عام 2019 بلغ 9992 حادثة مقـابل 8480 حادثة عام 2018.
وتابع البيان بأن معدل حوادث السيارات قد ارتفع إلى 27.4 حادثة في اليوم عام 2019، مقابل 23.2 حادثة يوم عام 2018، وأن السبب الرئيسي لحوادث السيارات كان العنصر البشري؛ إذ بلغت نسبته 79.7 في المئة، تليه عيوب فنية في المركبة 13.5 في المئة من إجمالي أسباب الحوادث على الطرق عام 2019.
ويقول طه السباعي، أستاذ هندسة الطرق بجامعة جنوب الوادي: "إن ما حدث من الفتاة لا يمكن أن يوصف إلا بالتهور والانتحار، غير أنه عند دراسة الفيديو نجد أنها حاولت تفادي سيارتين. وهنا من الممكن أن نتراجع نوعًا ما عن كونها تُقبل على الانتحار، ونرجع الأمر للتهور أو التعاطي".
وتابع السباعي بأن "الطرق الحديثة مصممة وفق المواصفات الدولية والعالمية، ولكن مثل تلك الأمور والحوادث تجعل هناك مناداة لأن تكون هناك شرطة طرق مفعَّلة على كل عدد من الكيلومترات، ورادارات قوية ترسل لأقرب عناصر شرطة موجودة على الطريق أي خلل؛ لكي يتم التدخل المناسب مع الأمر".
وطالب السباعي جهات الأمن بضرورة مراقبة تلك الطرق بالكاميرات؛ لأن الحادثة في حال عدم تصويرها من قِبل المواطن ما كانت لتصل إلينا، وكان من الممكن أن تضيع معها الحقوق، وتتحول لحادثة عادية بدون أي تهور من أحد الطرفين وخروج عن النص.
وعن الطرق المصرية، وما حدث فيها على مدار السنوات الأخيرة، يقول اللواء أحمد سعد الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق المختص في الشأن المروري: "إن مصر شهدت طفرة عالمية في مجال الطرق خلال السنوات الأخيرة، لعل وضوحها الجلي ظهر عندما بدأ المشروع القومي للطرق الذي بدأه الرئيس عبد الفتاح السيسي في يوليو 2014".
وتابع سعد الدين بأن "الأرقام التي صدرت على مدار الأعوام الماضية توضح انخفاض معدل الحوادث بشكل كبير، ولا يمكن أن نعمم حادثة الفتاة الجنونية التي لا أحد يعلم لماذا فعلت مثل هذا الأمر بهذا الشكل الخارج عن كل معايير الأمان والسلامة المتبعة".
وأكد مساعد وزير الداخلية الأسبق أن "الطرق المنفَّذة الجديدة، التي نراها في فيديو الفتاة، توضح كيف حدثت طفرة في هذا المجال؛ فالطريق سريع، وبه حارات مرورية مخصصة، ولكن العنصر البشري هنا هو المفسدة الوحيدة التي يجب أن نتوقف أمامها".