كشفت ورقة بحثية، أصدرتها مجموعة من العلماء بشركة مايكروسوفت، أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تطورت لدرجة أنها أظهرت إشارات على أنها تستخدم نفس طريقة تفكير الإنسان.
لكن علماء انتقدوا نتيجة هذا البحث، واعتبروها مجرد مزاعم كبيرة عن تقنية لم نفهمها بشكلٍ كامل حتى الآن.
ونقل موقع "الحرة" عن تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، الثلاثاء، أشار إلى بحث أجرته شركة مايكروسوفت، ونشرت تفاصيله في مارس الماضي، وقالت إن تجربتها بخصوص تقنية الذكاء الاصطناعي أكّدت أنه يمكن لآلة أن تقوم بأي شيء يمكن للعقل البشري القيام به.
بدأ علماء مايكروسوفت تجربتهم على نظام ذكاء اصطناعي العام الماضي، وطلبوا منه حل لغز يتطلب منه إدراك العالم المادي.
وقال العلماء للنظام "لديك كتاب و9 بيضات ولابتوب وزجاجة ومسمار"، وطلبوا منه "أخبرنا كيفية وضعهم فوق بعضهم بطريقة بشكلٍ مستقر".
وجاءت الإجابة: "ضعوا البيض على الكتاب. ورتبوه في ثلاثة صفوف مع ترك مسافة بينهم. تأكّدوا من عدم كسره".
وتابع: "ضعوا اللابتوب أعلى البيض، مع جعل الشاشة ناحية الأسفل ولوحة المفاتيح لأعلى. سوف يتلاءم اللابتوب بشكل مريح مع أبعاد الكتاب والبيض، وسوف يكون سطحه المتماسك مكاناً مستقراً لوضع الطبقة التالية من الأشياء عليه".
جعلت هذه الإجابة الذكية العلماء يتساءلون عمّا إذا كانوا أمام نوع جديد من الذكاء، وما إذا كان العلماء يطوّرون شيئاً يشبه الذكاء البشري أم ما هو أبعد من ذلك؟
وبحسب "نيويورك تايمز"، قال العالم الذي قاد تلك العملية البحثية، بيتر لي: "بدأت بالتشكك الشديد، وشعرت بالضيق والإحباط، والخوف أيضاً. فكرت: كيف يحدث ذلك؟".
وحملت الورقة البحثية اسم "شرارات من الذكاء الاصطناعي العام"، وبحثت في أهداف تلك التكنولوجيا وكذلك المخاطر التي قد تنجم عن تلك الأهداف. فعلى سبيل المثال، لو تم ابتكار آلة تعمل بطريقة العقل البشري أو أفضل، ربما تغير العالم، لكن أيضاً ربما تكون غي غاية الخطورة.
وعملت شركات غوغل ومايكروسوفت وأوبن أيه آي، منذ نحو 5 سنوات، على تطوير أنظمة لغوية تعمل على مدار أشهر في تحليل كم كبير من النصوص الرقمية، بينها كتب ومقالات ويكيبيديا ومحادثات.
ومع إدراك أنماط تلك النصوص، تعلمت تلك الأنظمة كتابة نصوصها الخاصة، مثل الشعر وأكواد الكمبيوتر حتى الدخول في محادثات.
ويعد تطبيق شركة أوبن أيه آي "تشات جي بي تي 4" أقوى تلك الأنظمة حتى الآن.
وتعد شركة مايكروسوفت من أقرب الشركاء لأوبن أيه آي، إذ استثمرت فيها نحو 13 مليار دولار.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن العالم "لي"، أنه في ظل انبهار الناس الشديد من قدرة "تشات جي بي تي 4" على كتابة النصوص، إلا أنه أوضح أن التطبيق أفضل بكثير في مسألة "تحليل وتجميع وتقييم النصوص مقارنة بكتابتها".
لكن، وفي ظل الإشارات الكبيرة من علماء مايكروسوفت إلى قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على محاكاة طريقة التفكير البشري أو إمكانية تجاوزها، رأى علماء آخرون أن تلك النتائج تمثل مزاعم كبيرة بشأن تكنولوجيا ليست مفهومة بالشكل الكبير حتى الآن.
وأوضحوا، بحسب "نيويورك تايمز"، أن الذكاء الاصطناعي يتطلب الاطلاع ومعرفة العالم المادي، وهو ما لا يتوافر في "جي بي تي 4".
واعتبر الباحث والأستاذ بجامعة كارنيجي ميلون، مارتن ساب، أن البحث الذي نشرته مايكروسوفت مثال على كيفية استخدام تلك الشركات للورقة البحثية فيما يشبه حملة العلاقات العامة.
وأشار إلى أنهم أكّدوا في بداية بحثهم على أن نهجهم غير رسمي وغير موضوعي ولا يتماشى مع معايير التقييم العلمي.
وحذّر علماء بارزون في الآونة الأخيرة من التطور الرهيب والسباق بين الشركات في مجال الذكاء الاصطناعي، في ظل عدم القدرة على معرفة ما يمكن أن تصل إليه تلك التكنولوجيا.
ولفت بعضهم إلى مسألة استخدامه البيانات الشخصية واستغلالها، بجانب نشر الأخبار الزائفة على الإنترنت.
وأبرز مَن حذّروا من ذلك، العالم جيفري هينتون، الذي يطلق عليه الأب الروحي للذكاء الاصطناعي، المستقيل أخيراً من شركة غوغل، حين قال إن التطبيقات المشابهة لروبوت المحادثة "تشات جي بي تي"، يمكنها بالفعل أن تتحول إلى "أداة لنشر المعلومات المضللة، وربما تمثل في القريب العاجل خطراً على الوظائف وعلى البشرية برمتها".
وأطلقت شركة "أوبن أيه آي"، في نوفمبر الماضي تطبيق روبوت المحادثة "تشات جي بي تي"، ولاقى رواجًا كبيرًا بين المستخدمين، غير أن هناك مخاوف كبيرة ظهرت تتعلق بالخصوصية أو التحيز السياسي، أو مخاوف أخرى أمنية متعلقة بالبرنامج.