ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية أن المروحية التي تحطمت أمس الأول الأحد، وعلى متنها رئيس البلاد إبراهيم رئيسي وآخرون، هي من طراز "بيل 212"، بحسب ما نقلت عنها صحيفة "واشنطن بوست".
وأعلنت إيران أمس الاثنين الحداد لمدة 5 أيام على وفاة رئيسي الذي لقي حتفه مع وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، وعدد آخر من المسؤولين، وذلك في حادث تحطم الهليكوبتر الأحد الماضي بمنطقة جبلية وعرة قرب حدود أذربيجان.
وبينما فتحت طهران تحقيقًا أمس الاثنين في أسباب تحطم المروحية الرئاسية أشارت وسائل إعلام رسمية إلى أن "عطلاً فنيًّا" كان السبب وراء الحادث، وفقًا للصحيفة الأمريكية ذاتها.
وكان رئيسي مسافرًا إلى مدينة تبريز بمحافظة أذربيجان الشرقية الإيرانية في شمال غرب البلاد أمس الأول الأحد بعد تدشين سد على الحدود مع أذربيجان عندما تحطمت مروحيته.
وأظهرت التقارير الواردة من مكان الحادث ضبابًا كثيفًا في منطقة جبلية ذات تضاريس وعرة؛ ما تسبب في تأخير وصول أطقم الإنقاذ لموقع تحطم المروحية لساعات.
قامت شركة "بيل هليكوبتر" المعروفة الآن باسم "بيل تيكسترون" الأمريكية بتطوير هذه الطائرة للجيش الكندي في أواخر الستينيات كتحديث لطائرة "UH-1 Iroquois" الأصلية، بحسب وكالة "رويترز". واستخدم التصميم الجديد من هذا الطراز آنذاك محركَين توربينيَّين بدلاً من محرك واحد؛ ما يمنحها قدرة حمل أكبر.
وذكرت وكالة "بلومبيرغ" أن طراز مروحيات "بيل 212" الأمريكية التي حلقت لأول مرة عام 1968، ودشنت في 1971، توقف تصنيعها عام 1998.
ووفقًا لوثائق اعتمادها من وكالة سلامة الطيران التابعة للاتحاد الأوروبي، يمكن لهذه الطائرة المروحية استيعاب 15 شخصًا، بما في ذلك الطاقم.
وباعتبارها طائرة هليكوبتر متعددة الاستخدامات، فإنه من المفترض أن تكون "بيل 212" قابلة للتكيف مع جميع أنواع المواقف، مثل نشر معدات مكافحة الحرائق الجوية، ونقل البضائع، وتركيب الأسلحة.
وكان آخر حادث مميت لطائرة من طراز "بيل 212" في سبتمبر 2023، عندما تحطمت طائرة مملوكة للقطاع الخاص قبالة سواحل الإمارات، وفقًا لـ "فلاي سيفتي فاونديشن"، وهي منظمة غير ربحية، تركز على سلامة الطيران.
وبحسب "رويترز"، فإن تصميم النموذج الإيراني من طراز "بيل 212" كان مخصصًا لنقل المسؤولين الحكوميين. وليس من الواضح العدد الدقيق للطائرات التي تملكها الحكومة الإيرانية الحالية، لكن قواتها الجوية والبحرية لديها إجمالي 10 مروحيات، وفقًا لدليل القوات الجوية العالمية لعام 2024 الصادر عن شركة "فلايت غلوبال".
ووفقًا للدليل ذاته، فإن إيران تملك على الأقل طائرتين من طراز "بيل 212"، لا تزالان تعملان في البلاد.
كما يتضمن الأسطول الإيراني الحالي نسخة صنعتها البحرية الإيطالية من طراز "أغوستا"، إضافة إلى "بيل 212"، وفقًا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
وأفاد موقع "سمبل فلاينغ" المتخصص في مجال الطيران بأن الولايات المتحدة باعت طراز "بيل 212" لإيران بأعداد كبيرة قبل ثورة 1979.
وكانت إيران من المشترين الرئيسيين لطائرات الهليكوبتر من طراز "بيل" و"أغوستا" في عهد الشاه محمد رضا بهلوي؛ لتصبح أكبر قوة للمروحيات العسكرية في الشرق الأوسط، وفقًا لتقارير غربية، أوردتها "رويترز".
وحافظت إيران على تحليق أساطيلها من الطيران المدني والعسكري أثناء عزلتها بعد ثورة عام 1979، وذلك من خلال مزيج من الأجزاء المهربة، وفقًا لمحللين غربيين وأشخاص تحدثوا عن التجارة في أعقاب الاتفاق النووي لعام 2015، الذي تخلت عنه واشنطن لاحقًا.
وتستعين إيران ببعض من أقدم وأبسط طائرات الهليكوبتر التي لا تزال قيد الاستخدام، وتعتمد على مهارات مهندسيها لإيجاد طرق لإبقائها قيد التشغيل مع محدودية الوصول إلى المواد الجديدة.
وقال الخبراء إن التفاصيل القليلة المتاحة تشير إلى أن عمرها قد يتراوح بين 40 و50 عامًا.
وكانت ألمانيا تستعد للمساعدة في تحديث أسطول طائرات الهليكوبتر الإيرانية بعد الاتفاق النووي لعام 2015 مع الولايات المتحدة، وهو الاتفاق الذي خفف العقوبات لفترة وجيزة، لكن هذه الإمدادات الجديدة لم تصل أبدًا مع انهيار الاتفاقية في إدارة ترامب عام 2018، بحسب "بلومبيرغ".
واستبعدت الولايات المتحدة أمس الاثنين أي دور للعقوبات الأمريكية على إيران في الحادث، وقال مستشار اتصالات الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، إنه "لا دور للعقوبات المفروضة على إيران في حادث مروحية الرئيس الإيراني".
وكرر وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، أمس الاثنين هذا الرأي قائلاً: "ليس هناك أي دور للولايات المتحدة في حادث مروحية إيران"، مطالبًا بـ"إجراء تحقيق لمعرفة سبب الحادث الذي قد يكون عطلاً ميكانيكيًّا، أو خطأ من الطيار".
وفي هذا الإطار اعتبر رولاند دانغرفيلد، وهو ضابط سابق بالجيش البريطاني والرئيس التنفيذي لشركة "سينتنال أفييشن"، أن عمر المروحية وطرازها أقل أهمية من مستوى صيانتها. وأضاف في تصريحات إلى موقع "بزنس إنسايدر" بأن الطائرات التي يعود تاريخها إلى الأربعينيات من القرن الماضي تحلق فوق المملكة المتحدة "بأمان تام"، بينما كانت قاذفات القنابل "بي-52" في الولايات المتحدة موجودة منذ الخمسينيات من القرن الماضي.
وأوضح أن "السر في ذلك هو ما إذا كانت المروحية قد تمت صيانتها وفقًا لنظام الصيانة الخاص بالشركة المصنعة".
لكن دانغرفيلد قال إن الحظر التجاري الأمريكي والقيود على أجزاء طائرات الهليكوبتر ربما منعا النظام الإيراني من صيانة الطائرة "بيل 212".