"ابني يتنمر على زملائه".. الجانب الآخر للقصة: "بي بي سي" تكشف معاناة أولياء أمور الأطفال المتنمرين

"ابني يتنمر على زملائه".. الجانب الآخر للقصة: "بي بي سي" تكشف معاناة أولياء أمور الأطفال المتنمرين
تم النشر في

"ابني يتنمر على زملائه وأنا أعاني من نتائج تنمره"، هكذا يكشف تقرير "بي بي سي" عن الجانب الآخر لقصة التنمر، في معاناة أولياء أمور الأطفال المتنمرين.

وحسب موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، لا تزال قضية التنمر المدرسي عصية على الحل. ووفق تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) فإن هناك 130 مليون طالب في جميع أنحاء العالم يتعرضون للتنمر، وهو ما يُلحق بهم الكثير من الأضرار قد تصل إلى حد الانتحار.

وبجانب ضحايا التنمر من الأطفال؛ فإن هناك جانبًا من القصة يبدو أنه لم يُدرس بشكل كاف؛ ألا وهو المتعلق بالأطفال الذين يُتهمون بممارسة التنمر وتبعات ذلك عليهم وعلى ذويهم.. "بي بي سي" تفتح هذا الملف وتسرد وقائع حقيقية.

تنمر أم طاقة زائدة؟

اضطرت السيدة نسرين صدقي من القاهرة، وهي أم لصبيين صغيرين، لسحب ابنها الأكبر من مدرسة تلو الأخرى ثلاث مرات سابقًا، بسبب تنمره على زملائه، ولم يمضِ عليه في أي مدرسة إلا حوالى عام أو أكثر، وهو حاليًا بالصف الرابع الابتدائي في مدرسة رابعة في مشواره الدراسي القصير، بعدما أدرج الابن على القائمة السوداء من قِبَل أساتذته وزملائه في المدارس الخاصة التي الْتحق بها.

وتوجهت "صدقي" للأطباء، فتم تشخيص ابنها بأنه مصاب بـ"فرط الحركة نتيجة اضطراب هرمون الدوبامين"، وبعدها خاطبت الأخصائيين الاجتماعيين في تلك المدارس وشرحت لهم حالة ابنها الطبية؛ لكن لم تكن هناك خطة عمل لتحسين أدائه الاجتماعي والدراسي، وكانت النتيجة ازدياد ما وصفوه بـ(شراسته)، وبعدها راحوا ينهرونه ويعاقبونه على أمور خارجة عن إرادته، واستسهل زملاؤه نِسبَة أي خطأ إليه دومًا وتلفيق القصص؛ أما هو فقد تعوّد على الألم، وصار مستخفًا بالآخرين والإساءة لهم".

الخروج من المأزق

وبعدها نظمت الأم والأب برنامجًا يتضمن ممارسة الرياضة بجانب أنشطة أخرى لتفريغ شحنات الطاقة الزائدة، بالإضافة لجلسات تعديل للسلوك ودروس دينية، واضطرت الأم للتخلي عن وظيفتها لرعاية طفلها.

وطالبت الأم بتضافر الجهود الدعوية والتربوية على هذا الصعيد وبالارتقاء بوظيفة الأخصائي الاجتماعي "الجوهرية" في مجتمع التعليم باعتماد معايير صارمة.

غلاظةٌ أم تنمر؟

من مصر إلى بريطانيا، وعلى إحدى منتديات دردشة الأمهات "نات مامز"، بثت إحداهن شكوى بخصوص تصرفات ابنها الذي يبلغ من العمر أقل من أربع سنوات، تقول الأم: إن ابنها لطيف في المنزل، لكن ما إن يكون مع نظرائه يبدأ في جذبهم ودفعهم دون إصغاء للتوجيه، ويبدأ بالضحك مستهزئًا. ولم يفلح التقويم والتحفيز السلوكي المنزلي في احتوائه؛ فالصغار بطبعهم يحبذون العناد والتلاعب؛ مما جعل زملاءه يرفضون مشاركته اللعب لاحقًا. أما مسؤولو الروضة، فهم وبعدما أبدوْا تفهمًا واستعدادًا للتعاون؛ راحوا يتذمرون مع غياب ما يضمن تحسنًا قريبًا لسلوكه. فجاءت الأم تتساءل عما إذا كان لديها متنمر كامن سيهاجم الجميع؟

الحدود الفاصلة بين "شقاوة" و"تنمر" الأطفال

تحذرنا المستشارة الأسرية ماريا عكيدي من إسطنبول من تشكل ما تصفه بانتشار ثقافة شعبية تبالغ في الوصم وإصدار الأحكام المسبقة في ظل ما سمته بـ"عشوائية النصائح المتداولة وخلط المفاهيم الحاصل" إزاء قضية التنمر المدرسي.

وتحدد لنا الحدود الفاصلة بين "غلاظة" و"تنمر" الأطفال؛ وما هو المقبول من عدمه.

"الشقاوة" عفوية.. "التنمر" عدواني ومدبر

تقول "عكيدي": إن السلوكيات الفظة والشقاوة واردة بدون شك عند الأطفال، لكن ما يصنع الفرق بينها وبين التنمر هي أنها تكون صادرة عن جهل أو بعفوية. أما المتنمر على حسب تقديرها فيكون عدوانه مدبرًا لا يخلو من نوايا بغيضة؛ بشكل يمكن ملاحظته من قِبَل الراشدين كأن يتعمد الفعل المهين، أو التهديد، أو الانتهاك، أو الإذلال جسديًّا أو لفظيًّا، أو حتى الإقصاء للطرف المقابل على سبيل المثال لا الحصر.

حب الظهور والسيطرة لدى "المتنمر"

وتشير أيضًا إلى عوامل أخرى؛ منها أن المتنمر يطغى عليه حب الظهور بمظهر صاحب السلطة، ولديه نزعة إخضاع وسيطرة واستئساد واستغلال نقاط الضعف وترصّد وتحقير البسطاء؛ وهو ما لا يحصل في شغب الأطفال كما نألفه.

لا تشجع الطفل على دفع السوء بالسوء

"إن وجود القرار المسبق مع الدراية الكاملة بمخالفاته التي تنطوي على ضرر فادح، يظل عاملًا حاسمًا في اكتشاف المتنمر" حسب ما صرحت به "عكيدي" لـ"بي بي سي"، كما توصي الأسر بعدم تشجيع الطفل على دفع السوء بالسوء والتركيز في المقابل على تفعيل مجموعة من الأدوات والمهارات وتعلم التنظيم الانفعالي لاستقبال الاعتداء وقت حدوثه، والتعامل بوعي للدفاع عن النفس وحل المشكلات أو الإبلاغ عنها دون إغفال أهمية استعادة الثقة والأمان.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org