بعد محاضرة الـ 64 مليون مشاهدة .. لماذا ربط البعض "غيتس" بفيروس كورونا؟

في 2015 حذر من فيروس يقتل الملايين .. واليوم هو متهم
بعد محاضرة الـ 64 مليون مشاهدة .. لماذا ربط البعض "غيتس" بفيروس كورونا؟
تم النشر في

في عام 2015، اعتلى بيل غيتس خشبة المسرح في فانكوفر ليلقي محاضرة، أصدر فيها تحذيرًا شديدًا، أنه "لو تسبب شيء في مقتل عشرة ملايين شخص في العقود القليلة القادمة، فمن المرجح أن يكون ذلك فيروسًا شديد العدوى وليس حربًا"، وحظيت كلماته التحذيرية تلك ببعض التغطية الإعلامية آنذاك، ولكنها مرت دون أن يلقي الكثيرون لها بالًا.

محاضرة الـ 64 مليون مشاهدة

وحسب موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، الآن حظي فيديو المحاضرة بأكثر من 64 مليون مشاهدة، وأبدى الكثيرون اهتمامًا كبيرًا بأسباب ما قاله غيتس أكثر من فحوى الكلام ذاته.

ويتهم البعض غيتس بزعامة طبقة من الصفوة العالمية. ويرى آخرون أنه يتزعم محاولات لتجريد العالم من سكانه.

ويتهمه آخرون بمحاولات جعل التلقيح ضد الأمراض إلزاميًا، كما يتهمه البعض بمحاولات زرع شرائح إلكترونية في أجساد البشر.

لأنه مهتم بالصحة العامة

وقال روي سميث، من "فيرست درافت نيوز"، المختصة بالصحافة الحديثة وتدقيق الحقائق: "هناك الكثير من المؤامرات المحيطة ببيل غيتس. إنه بمثابة دمية السحر الأسود التي يثقبها الناس بنظرياتهم للمؤامرة. ولا غرابة في ذلك، فقد كان دومًا مهتمًا بالصحة العامة".

موقع صيني

ووفقًا لدراسة أجرتها صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع مختبرات زيغنال، فإن النظريات التي تتهم غيتس بأنه على صلة بفيروس كورونا ذُكرت 1.2 مليون مرة على التلفزيون وشبكات التواصل الاجتماعي.

ونشر جزء كبير من هذا المحتوى على فيسبوك حيث يتم مشاركتها ملايين المرات.

وخلصت فيرست درافت نيوز أيضًا إلى أن الموقع الصيني للفيديو "تيك توك" أصبح مركزًا لهذه المؤامرات.

أغرب المؤامرات

وبحث فريق لتقصي الحقائق في "بي بي سي" عددًا من أغرب تلك المؤامرات، ومن بين تلك النظريات للمؤامرة أن مؤسسة بيل غيتس وزوجته مليندا الخيرية اختبرت لقاحات على أطفال في أفريقيا والهند، مما أدى إلى آلاف الوفيات وإلى إصابات لا علاج لها. بل أشارت إحدى نظريات المؤامرة إلى أنه يواجه المحاكمة في الهند.

وتشير نظرية مؤامرة أخرى إلى أن غيتس وزع على نطاق واسع في كينيا لقاحًا للتيتانوس يحتوي عقارًا يسبب الإجهاض.

ويروج فيديو على صفحة "ذا نيو أمريكان ماغازين" على فيسوبك فكرة أن غيتس يسعى إلى تجريد العالم من سكانه عن طريق اللقاحات والإجهاض، كما يربط بين غيتس والحزب الشيوعي الصيني. وشوهد الفيديو 200 ألف مرة وتمت مشاركته 6500 مرة.

كما شوهد فيديو يتهم بيل غيتس بالسعي لزرع شرائح إلكترونية داخل أجساد البشر أكثر من مليوني مرة على يوتيوب.

لأنه ثري ومشهور

ولكن كيف أصبح غيتس، مؤسس مايكروسوفت، الذي أغدق الملايين في مجال الصحة العامة من مؤسسته الخيرية، محط نظريات المؤامرة لفيروس كورونا؟ يعتقد بروفيسور جوزيف أوشينسكي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميامي وصاحب كتاب عن نظريات المؤامرة، أن السبب ببساطة هو أن غيتس ثري ومشهور.

وقال أوشينسكي لبي بي سي: "نظريات المؤامرة تعني اتهام اصحاب النفوذ بالقيام بأمور مروعة. النظريات متشابهة بصورة عامة، مع تغيير الأسماء".

واضاف: "قبل غيتس كان هناك جورج سوراس وعائلة روثتشايلد وعائلة روكفيلير".

شرائح إلكترونية

وعلى الرغم من أن بعض نظريات المؤامرة سريعًا ما تموت وتفقد الزخم، إلا أن النظريات التي تدوم تضم "أشرارًا كبارًا وتتناول قضايا يهتم بها الناس".

وقال أوشنسكي: "كان ذلك ذخيرة نظريات المؤامرة لأزمان طويلة طويلة".

ويرى أوشنسكي أنه على الرغم من أن هذه النظريات "لا تحتوي على حتى ذرة من الصحة"، إلا أن الناس ما زالوا يصدقونها.

ويعتقد أكثر من ربع الأمريكيين و44 في المئة من الجمهوريين أن بيل غيتس يريد استخدام لقاح كوفيد19 لزراعة شرائح إلكترونية تحت جلد الناس، وذلك وفقًا لدراسة أجرتها ياهو بالتعاون مع يوغوف.

كيف بدأت المؤامرة؟

ويعتقد سميث أنه دومًا يوجد "جزء من الحقيقة" يتم استخدامه في نظريات المؤامرة بعيدًا عن سياقه.

فعلى سبيل المثال، فإن مؤسسة غيتس الخيرية مولت دراسة، أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا العام الماضي، لتخزين تاريخ اللقاحات لكل شخص على نوع من الصبغة. ولا يمكن رؤية هذه الصبغة بالعين المجردة، ويمكن وضعها في نفس الوقت الذي يتم فيه تلقيح الشخص.

ويصعب التأكد من جذور نظريات المؤامرة، ولكن يُعتقد أن الإنترنت تساعد على انتشارها.

الإنترنت ونشر الشائعات

وقال سميث: "قبل الإنترنت، كانت نظريات المؤامرة على نطاق ضيق وتوجد في فقاعتها الخاصة أو مجتمعها المحدود، ولكن الإنترنت تسمح لها بالانتشار عبر الفئات السياسية والمجتمعية المختلفة".

وقال إن نظريات المؤامرة تنتشر بشكل موسع في زمن تفشي الوباء لأن الناس في حالة نفسية تسمح بذلك.

وقال سميث: "هذه الأزمة غير مسبوقة في حجمها ومداها. يوجد قدر كبير من عدم اليقين، والناس يكرهون عدم اليقين".

وللتغلب على ذلك يلجأ الناس إلى ما يعرف بمحاولات الفهم الجمعي.

وقال سميث: "نتشبث بأي معلومات في محاولة لبث أي قدر من اليقين والنظام والمنطق داخل أنفسنا، وهذا الوقت الذي تبدأ فيه الشائعات. نظريات المؤامرة، ومن بينها النظريات المتعلقة ببيل غيتس، تملأ الفراغ المعرفي".

"يجب أن نضحك"

وخصصت مؤسسة بيل وميليندا غيتس الخيرية 300 مليون دولار للتصدي لكوفيد-19، ولم تلق المؤسسة بالاً للمزاعم الخاطئة بشأنها.

وفي تصريح قالت المؤسسة لبي بي سي: "نحن قلقون بشأن نظريات المؤامرة التي تنتشر على الإنترنت والضرر الذي قد تسببه للصحة العامة".

وأضاف التصريح: "في وقت كهذا، يواجه العالم فيه أزمة صحية واقتصادية غير مسبوقة، من المؤسف أن ينشر أشخاص معلومات مضللة في الوقت الذي يجب أن نتعاون فيه جميعًا لإنقاذ حياة الجميع. وخير ما نقوم به للتصدي لكوفيد-19 هو نشر الحقائق".

وفي مقابلة مع بي بي سي أعرب غيتس عن دهشته أنه أصبح محط نظريات المؤامرة.

وقال غيتس: "من المسبب للقلق وجود هذا القدر من الجنون في العالم. عندما يتم تطوير لقاح، نريد أن يستخدمه 80 في المئة من العالم، وإذا سمع الناس أن ذلك مؤامرة، فإنهم سيعزفون عن اللقاح وسيستمر المرض في قتل الناس".

وأضاف غيتس: "أنا مندهش أن بعض هذه الشائعات يتركز على شخصي. نحن فقط نتبرع بالمال، ونفكر في حماية الأطفال من الأمراض، لكن الأمر لا يتعلق بالشرائح الإلكترونية أو أي من ذلك. تكاد هذه الأمور أن تُضحكنا أحيانًا".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org