"كذبة أبريل" هي مزحة كل عام التي اعتادت الشعوب على إطلاقها في عدد من الدول لخداع بعضهم البعض، ويوم كذبة أبريل لا يُعد يومًا وطنيًّا أو معترفًا به قانونيًّا كاحتفال رسمي؛ لكنه تقليد عام؛ ولهذا فقط أصبح أول أبريل هو يوم تبادل الأكاذيب؛ باستثناء دولتين في أوروبا هما أسبانيا وألمانيا، والسبب أن هذا اليوم مقدس في أسبانيا دينيًّا؛ أما في ألمانيا فهو يوافق يوم ميلاد "بسمارك" الزعيم الألماني المعروف.
لا حقيقة مؤكدة لأصل هذا اليوم
وحسب تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط "أ ش أ"، انتشرت كذبة أبريل على نطاق واسع في إنجلترا بحلول القرن السابع عشر الميلادي، ويطلق على من يصدق هذه الإشاعات أو الأكاذيب اسم "ضحية كذبة أبريل"، ويطلق على الضحية في فرنسا اسم "السمكة"، وفي اسكتلندا تُعرف كذبة أبريل بـ"نكتة أبريل"، ويعزو البعض تحديد يوم أول أبريل إلى أنه شهر بداية فصل الربيع، ومع الربيع يحلو للناس المداعبة والمرح؛ إلا أن الواقع يكشف عن عدم وجود حقيقة مؤكدة لأصل هذه العادة.
ثلاث روايات
ورجّحت بعض الآراء أن الاحتفال بأول أبريل بدأ في فرنسا بعد تبني التقويم المعدّل الذي وضعه شارل التاسع عام ١٥٦٤، وكانت فرنسا أول دولة تعمل بهذا التقويم، وحتى ذلك التاريخ كان الاحتفال برأس السنة يبدأ في يوم 21 شهر مارس، وينتهي في الأول من شهر أبريل، بعد أن يتبادل الناس هدايا عيد رأس السنة الجديدة، وفي نهاية القرن السادس عشر، قام البابا جريجوري الثالث عشر بتعديل التقويم ليبدأ العام في 1 يناير، وتبدأ احتفالات الأعياد من 25 ديسمبر، وأطلق الناس على من ظلوا يحتفلون حسب التقويم القديم تعليقات ساخرة لأنهم يصدقون (كذبة أبريل)؛ لكن "قصص كانتربري" للكاتب جيفري شوسر نقضت هذه النظرية وقالت إن حكايات "كذبة أبريل" تعود للقرن الرابع عشر وقبل قدوم البابا جريجوري الثالث عشر.
ويرى آخرون أن هناك علاقة قوية بين الكذب في أول أبريل، وبين يوم هولي المعروف في الهند، والذي يحتفل به الهندوس في 31 مارس من كل عام، وفيه يقوم البعض بمهام كاذبة لمجرد اللهو والدعاية ولا يُكشف عن حقيقة أكاذيبهم إلا مساء اليوم الأول من أبريل.
وعلى الجانب الآخر؛ فإن الباحثين في أصل الكذب يرون أن نشأته تعود إلى القرون الوسطى؛ إذ إن شهر أبريل في هذه الفترة كان وقت الشفاعة للمجانين وضعاف العقول؛ فيطلق سراحهم في أول الشهر، ويصلي العقلاء من أجلهم؛ وفي ذلك الحين نشأ العيد المعروف باسم عيد جميع المجانين أسوة بالعيد المشهور باسم عيد جميع القديسين.
وهناك باحثون آخرون يؤكدون أن كذبة أول أبريل لم تنتشر بشكل واسع بين غالبية شعوب العالم إلا في القرن التاسع عشر، والواقع أن كل هذه الأقوال لم تكتسب الدليل الأكيد لإثبات صحتها من عدمه؛ ولكن القاعدة الثابتة أن الكذب كان -ولا يزال- مرتبطًا بالأول من شهر أبريل.
من أطرف الأكاذيب وأشهرها
ومن أطرف الأكاذيب وأشهرها، ما حدث في رومانيا عندما كان الملك كارول يزور أحد متاحف العاصمة في أول أبريل؛ فسبقه رسام مشهور، كان قد ترصد قدومه، وقام برسم ورقة مالية أثرية من فئة كبيرة على أرضية المتحف؛ مما دفع الملك بأمر أحد حراسه، بالنزول لالتقاطها؛ ولكن سرعان ما اكتشفوا أنها كذبة، وقد اشتهر الشعب الإنجليزي بكذبة ظهرت في عام 1860 في اليوم الأول من شهر أبريل؛ حيث حمل البريد إلى مئات من سكان لندن بطاقات مختومة بأختام مزورة تدعوهم "لمشاهدة الحفلة السنوية لغسل الأسود البيض"، في برج لندن صباح يوم الأحد في الأول من أبريل؛ وذلك بالمجان؛ مما دفع الجمهور إلى التوجه نحو البرج لمشاهدة الحفلة المزعومة.
أحداث مؤسفة
وإلى جانب هذه المواقف المضحكة، كان هناك أحداث مؤسفة ومؤلمة صاحبت هذا التقليد؛ ومن أشهرها قيام سيدة إنجليزية بالصراخ وطلب النجدة من الشرفة بسبب اندلاع حريق داخل المطبخ، ولم يستجب أحد حيث ظن الناس أن هذا المشهد هو "كذبة إبريل"؛ لتزامن ذلك اليوم مع أول إبريل؛ وبذلك تكون هذه الكذبة قد أودت بحياة الكثيرين، فعلى الرغم من أنها ممتعة، إلا أنها قد تنهي حياة البعض نتيجة التهور والتهويل واستخدام الحيل والأكاذيب المخيفة.
يوم أول أبريل في التاريخ
ويحمل يوم الأول من شهر أبريل -إلى جانب كذبته الشهيرة- العديد من الأحداث التاريخية؛ ففيه تقع رأس السنة الآشورية، وفيه تم اختراع النسكافيه في عام 1938، وشهد يوم أبريل نهاية الحرب الأهلية الأسبانية وبداية نظام فرانكو في عام ١٩٣٩، وتأسيس ستيف وزنياك وستيف جوبز شركة أبل في عام ١٩٧٦، وفي عام 2001 اعتقلت سلطات صربيا والجبل الأسود الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش بعد 26 ساعة من حصار مقر إقامته، وفي عام 2002 أصبحت هولندا أول دولة في العالم تجيز قانونيًّا الموت الرحيم، وفي عام 2002 أيضًا قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بمجزرة في مدينة جنين شمال الضفة الغربية استمرت حتى 12 أبريل.