مع افتتاح معبد هندوسي مكان مسجد بابري بالهند.. ما قصة النزاع الدموي الذي استمر لقرن من الزمان؟

مع افتتاح معبد هندوسي مكان مسجد بابري بالهند.. ما قصة النزاع الدموي الذي استمر لقرن من الزمان؟

بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على قيام حشود من المتطرفين الهندوس بتدمير مسجد في بلدة أيوديا الهندية، افتتح رئيس الوزراء ناريندرا مودي، الاثنين، المعبد الهندوسي الجديد الذي بني على أنقاض المسجد المشيد في القرن السادس عشر.

وقال "مودي" إن البلد "بكسره أكبال العبودية؛ عليه أن ينهض ويأخذ العبر من الماضي"؛ متحدثًا أمام المعبد الجديد المكرس لمعبودهم الهندوسي "رام"، وأضاف: "هكذا فقط تخلق الدول تاريخًا".

قصة النزاع التاريخي

وحسب موقع "الحرة"، تعود الخلافات حول الموقع المقدس في أيوديا، في منطقة فيض آباد في ولاية أتر برديش شمالي الهند، إلى أكثر من قرن من الزمان. وتسبب تدمير المسجد ديسمبر 1992 في أعمال شغب دينية ضمن الأعنف منذ استقلال الهند، أودت بـ2000 شخص غالبيتهم مسلمون، وهز أسس النظام السياسي العلماني الرسمي للهند.

هدم المسجد "سابقةٌ للإفلات من العقاب"

وتلفت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن طريقة هدم المسجد تُشكل "سابقةً للإفلات من العقاب" يتردد صداها حاليًا في إعدام الغوغاء لرجال مسلمين بعد اتهامهم بذبح أو نقل أبقار، وضرب الأزواج من ديانات مختلفة لمناهضة ما سمي بـ"جهاد الحب".. ومن أصداء هدم المسجد في أيوديا، شيوع ما يعرف بـ"عدالة الجرافة"؛ إذ يسوي المسؤولون منازل المسلمين بالأرض دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة في أعقاب التوترات الدينية.

مسجد بابري

بُنِيَ مسجد بابري في أيوديا عام 1528 في عهد الإمبراطور المغولي بابور، أحد الزعماء المسلمين الذين حكموا الهند لمدة 500 عام تقريبًا، لكن الهندوس بدأوا لاحقًا في الضغط من أجل الحق في العبادة في ما يعتقدون أنه مسقط رأس معبودهم "رام"، حسب المعتقدات الهندوسية.

و"رام" من المعبودات لدى الهندوس، وقد ولد -بحسب معتقداتهم- في أيوديا قبل حوالى 7 آلاف عام في الموقع الذي شهد لاحقًا تشييد المسجد البابري.

مزاعم أن المسجد أقيم فوق حطام معبد هندوسي

ويشير تقرير لصحيفة "الجارديان " البريطانية، إلى أن المسلمين استمروا في العبادة في مسجد بابري حتى عام 1949؛ ففي ذلك العام تبنت مجموعة صغيرة من الهندوس المتشددين هذه القضية، وزعمت أن المسجد أقيم فوق حطام معبد هندوسي، وتعهدوا "بتحرير" الأرض وإعادة بناء المعبد.

وأعلنت السلطات الهندية أن المسجد "ملكية موضع نزاع" وأغلقت أبوابه، بعد وضع العثور على تمثال لمعبودهم "رام" داخل البناء -قيل إن رجل دين هندوسي وضعه هناك- بحسب تقرير للشرطة.

قرار المحكمة العليا في الهند

وحسم النزاع في عام 2019 عندما وصفت المحكمة العليا في الهند، في قرار مثير للجدل، تدمير المسجد بأنه "انتهاك صارخ" للقانون؛ لكنها منحت الموقع للهندوس، وعوّضت المسلمين بقطعة أرض مختلفة.

ويقول اليمين الهندوسي إن مسجد بابري بناه قائد عسكري من الإمبراطورية المغولية في القرن السادس عشر بعد تدمير معبد "رام". ولم تكن المساعي لبناء معبد لرام في نفس المكان تتعلق فقط بعودة معبود يتمتع بشعبية شاملة كحاكم عادل ونموذج أخلاقي، حسب المعتقد الهندوسي؛ ولكن أيضًا لإسقاط رمز من رموز الغزو بالنسبة للمتشددين الهندوس.

قصة الهيكل المدفون تحت المسجد

ويزعم القوميون الهندوس أن اسم التلة التي يقع عليها المسجد هو رامكوت، أي "قلعة رام". وأجرت هيئة المسح الأثري في الهند عمليات تنقيب في الموقع المتنازع عليه بناء على أوامر قضائية. وخلص تقريرها الذي أنجز في مدة قصيرة، 15 يومًا، إلى وجود أنقاض "هيكل ضخم" أسفل أنقاض المسجد "يدل على بقايا وهي سمات مميزة وجدت مرتبطة بمعابد شمالي الهند". لكن لم تعثر الهيئة على أي دليل على أن الهيكل تم هدمه خصيصًا لبناء مسجد بابري.

هل تتكرر قصة مسجد بابري؟

ويذكر موقع "إن.بي.آر" أن السلطات القضائية في الهند تنظر الآن في قضيتين أخريين في موقعين آخرين للحج الهندوسي في شمال الهند؛ إذ يأمل القوميون الهندوس في الحصول على ملكية الأرض التي تقام عليها مساجد حاليًا.

وفي تصريح لـ"إن.بي.آر" تقول رانجانا أغنيهوتري، وهي من أنصار "مودي" ومحامية تدّعي على أحد هذه المواقع في ماثورا: إن القوميين الهندوس يركزون على مسجد هناك يعتقدون أنه بُنِيَ على مسقط رأس المعبود الهندوسي "كريشنا"، وآخر في مدينة فاراناسي المقدسة لدى الهندوس، والتي يعتقدون أنه بني على معبد هندوسي هدَمه الإمبراطور المغولي أورنجزيب، الذي حكم في القرنين السابع عشر والثامن عشر.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org