منذ آلاف السنين، يحتفل الناس في جميع أنحاء العالم بالاعتدال الربيعي، الذي لا يعلن فقط عن بداية فصل جديد، بل إنه قد يرمز إلى خصوبة الأرض ونظم الإنتاج الزراعي والتراث الثقافي.
وحسب موقع "روسيا اليوم"، اكتشف علماء الآثار العديد من المواقع القديمة التي تتوافق مع الاعتدال. لكن الغرض من هذه المواقع ما يزال محاطًا بالغموض إلى يومنا هذا.
ويحدث الاعتدال الربيعي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية يوم 20 مارس لهذا العام، حيث يتساوى الليل والنهار، وتكون الشمس في هذا اليوم تمامًا فوق خط الاستواء قادمة من النصف الجنوبي للكرة الأرضية، الذي يضم أستراليا ونصف أفريقيا وأمريكا الجنوبية وبعضًا من شبه القارة الهندية، متجهة إلى النصف الشمالي، والذي يضم أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية والقطب الشمالي.
وينقل "روسيا اليوم" عن موقع "بيزنس انسايدر"، أن علماء الآثار وجدوا العديد من المواقع الأثرية حول العالم من مختلف الثقافات والحضارات القديمة تظهر ارتباطًا غامضًا مع الشمس يتجلى بشكل واضح خلال حدث الاعتدال، ومن بينها:
في الاعتدال الربيعي، يتجمع السياح والسكان المحليون في هرم تشيتشن إيتزا في جنوب المكسيك. وعندما تغرب الشمس في فترة ما بعد الظهر، تلقي بظلالها على الدرج الشمالي الذي يصطف مع نحت رأس ثعبان أسفل السلم، ما يعطي الانطباع بأن ثعبانًا ينزلق أسفل الهرم.
ومن المحتمل أن يمثل هذا إله الثعبان ذو الريش "كوكلكان"، الذي ينزل إلى الأرض في ذلك اليوم، حسب المعتقد المحلي.
يصطف أبو الهول وهرم الجيزة بشكل مثالي مع الشمس خلال حدث الاعتدال. وقال عالم الآثار السويسري هربرت ريكي في الستينيات، إن الشمس تبدو كأنها تغرق بين كتفي أبو الهول.
وفي الواقع، يبدو أن الأعمدة الأربعة والعشرين المتبقية من معبد أبو الهول تتماشى أيضًا مع اعتدال الشمس.
وقال عالم الآثار الأمريكي مارك لينر في حدث لمجلة " Smithsonian": "أصبح ظل أبي الهول وظل الهرم، وكلاهما رمز للملك، شكلين مدمجين".
في الاعتدال الربيعي، تشرق الشمس بالضبط على القمة المركزية للمعبد في كمبوديا المسمى أنغكور وات.
ويؤدي المبنى إلى مدينة عمرها 700 عام تتكون من قنوات ومعابد وأضرحة ومقابر منتشرة على مساحة 154 ميلًا مربعًا في غابة شمال كمبوديا.
في كل عام خلال الاعتدال الربيعي، يتجمع الناس في موقع ما قبل الإسبان في تيوتيهواكان بالمكسيك يرتدون ملابس بيضاء وحمراء للاحتفال بالشمس.
مثل أسلافهم، يتسلق المحتفلون الهرم في الموقع، ويبقون أذرعهم ممدودة بينما يواجهون الشمس وهم يطلبون من الآلهة الطاقة والصحة، حسب المعتقد المحلي.
ووفقًا لبعض التقارير، يتم ترشيح ضوء الاعتدال في قصر كويتزا بابا لوتل في تيوتيهواكان، الذي بني نحو 450 إلى 500 بعد الميلاد.
ويضيء الضوء، وفقًا للتقارير، الأشكال السماوية في جدران القصر بين الساعة 7:15 و7:45 صباحًا، ما يشير إلى استخدام المعبد كمرصد شمسي.
تعد "Loughcrew cairns" في مقاطعة ميث، بإيرلندا، والمعروفة أيضا باسم تلال الساحرة، واحدة من أربع مقابر رئيسية بناها البشر منذ أكثر من 5000 عام.
وفي الاعتدال الربيعي والخريفي، تشرق الشمس مباشرة أسفل مدخل أحد الكهوف، المسماة Cairn T، لتضيء الحجر الأسود، وهو لوح مغطى ببعض أجمل الأمثلة الإيرلندية لفن العصر الحجري الحديث، حسب التراث الإيرلندي.
كانت الشمس عنصرًا مركزيًا في عبادة الإنكا. ويوجد في موقع ماتشو بيتشو حجر إنتيهواتانا في بيرو، وهو صخرة مربعة كبيرة قام علماء الآثار برصد خطوطها بشكل مثالي مع الشمس في الاعتدالات بحيث لا تلقي بظلالها.
ويعتقد الكثيرون أنه كان من الممكن استخدام الحجر كتقويم شمسي، على الرغم من أن بعض علماء الآثار يقولون إنه لا يوجد دليل كافٍ لدعم ذلك.
تم العثور على سبعة معابد ميغاليتية في جزر مالطا وغودش في البحر الأبيض المتوسط، والتي تصنف ضمن مواقع التراث العالمي. وتم بناء هذه الهياكل التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ بين 4000 قبل الميلاد و3000 قبل الميلاد.
وفي اعتدال الربيع والخريف، يضرب شعاع الشمس الساطع مدخل المعبد ويضيء المحور الرئيسي للمبنى بشكل مثالي.
وما إذا كان البشر في عصور ما قبل التاريخ قد قاموا بمحاذاة المعبد مع الشمس عن قصد ما يزال موضوع نقاش، لكن التوجه "منهجي لدرجة أن هذا أمرًا محتملًا للغاية"، وفقًا لوكالة مالطا الوطنية للمتاحف وممارسات الحفظ والتراث الثقافي.