"زعمْتَ أنك تحبها وكنتَ أكثر الناس كرهًا لها".. شاهد خطبة تاريخية لقاضي محاكمة قاتل الطالبة المصرية

 المتهم بقتل نيرة أشرف طالبة جامعة المنصورة
المتهم بقتل نيرة أشرف طالبة جامعة المنصورة

نشرت وسائل إعلام مصرية، نص كلمة قاضي محكمة جنايات المنصورة، المستشار بهاء المري قبل النطق بحكم إحالة أوراق المتهم محمد عادل إلى فضيلة مفتي الجمهورية؛ لأخذ الرأي في الحكم بإعدام المتهم بقتل نيرة أشرف طالبة جامعة المنصورة، غدرًا أمام بوابة الجامعة.

وحسب صحيفة "اليوم السابع"، عُقدت الجلسة برئاسة المستشار بهاء الدين المري، رئيس المحكمة، وعضوية كل من المستشارين: سعيد السمادوني، ومحمد الشرنوبي، وهشام غيث، وسكرتارية محمد جمال، ومحمود عبدالرازق.

وحددت محكمة جنايات المنصورة، جلسة 6 يوليو المقبل للنطق بالحكم.

وقد اعتاد القضاء المصري تقديم كلمة موجزة وأحيانًا خطبة قبل الحكم في القضايا؛ وذلك بهدف أخذ العبرة والموعظة والتحذير؛ خاصة إذا كانت القضية مما يشغل الرأي العام.

غابَ اليقين.. وباطلٌ بالزَّيف يَحيَا

وحسب صحيفة "الوطن" المصرية؛ فقد تَوجه المستشار بهاء المري، بكلمة بليغة، قبلَ النُّطقِ بإحالة أوراق المتهم محمد عادل إلى فضيلة مفتي الديار المصرية، وجاء في كلمته:

- دُنيا مُقبلةٌ بزخَارفِها، وإنسانٌ مُتكالبٌ على مَفاتِنها

- ماديةٌ سَيطرَت، فاستلبَت العُقولَ وصارَ الإنسانُ آلة

- يَقينٌ غابَ، وباطلٌ بالزَّيف يَحيَا، وتَفاهاتٌ بالجَهر تَتواتَر

- وبَيتٌ غابَ لسببٍ أو لآخر

- والمؤنسِاتُ الغالياتُ (النساء) صِرن في نظر المَوتُورينَ سِلعة، والقواريرُ فَواخير.

- ونَفسٌ تَدثَرت برداءِ حُبٍّ زائفٍ مَكذوب. تأثرت بثقافةِ عَصر اختَلطت فيه المَفاهيمُ.

خلل في القيم والمفاهيم بين أفراد المجتمع

وأضاف القاضي في كلمته، منتقدًا الخلل في القيم والمفاهيم بين أفراد المجتمع:

- الرغبةُ صَارت حُبًّا، والقتلُ لأجلهِ انتصارًا، والانتقام شَجاعةً، والجُرأةَ على قِيَم المُجتمع وفُحشِ القَولِ والعلاقاتُ المُحرَّمةُ، تُسمَّى حُريةً مَكفولة.

ومن هذا الرَّحم وُلدَ جَنينًا مُشوَهًا (في إشارة إلى ضعف التربية).

وَقُودُ الأمَّةِ (شبابها) صارَ حَطبَها

- باتَ النشءُ ضَحيةَ قُدوةٍ مُشوهة، وثقافاتٍ مَسمُوعةٍ ومَرئيةٍ ومقروءة، هذا هو حالُها.

- ومن فَرْطِ شُيوعهِ واعتباره من قبلِ كثيرين كشفًا لواقع؛ زُيِّنَ لهم فَرأَوهُ حَسنًا، فكان جُرمِ اليوم له نِتاجًا.

- أفَتذهبُ نَفسُنا عليهم حسَرات؟!

- إنَّ هذا الخَللَ، إنْ لم نأخذ على أيدي المَوتورينَ ومُروِّجيهِ؛ استفحَلَ ضَرَرُه، وعَزَّ اتقاءُ شَرِّه، واتسَع الرَّتقُ على الراتق.

صيحة تحذير للمجتمع

ثم توجه "المري" بنداء من المحكمة إلى المجتمع، قائلًا: "ولكلِّ ما تَقدمَ، تُطلِقُ المَحكمةُ صَيحَة:

- يَا كُلَّ فِئاتِ المُجتمعِ لا بُدَّ مِن وَقفَة.

- يا كُلَّ مَن يَقْدرُ على فِعلِ شَيءٍ هَلُمُوا.

- اعقدوا مَحكمةَ صُلحٍ كُبرَى بين قُوَى الإنسانِ المُتباينة، لنُنَمِّيَ فيهِ أجملَ ما فيه.

- أعيدُوا النَشءَ المُلتوي إلى حَظيرةِ الإنسانية.

- عَلِموهُم أنَّ الحبَّ قَرينُ السلامْ، قَرينُ السَكينةِ والأمانْ، لا يَجتمعُ أبدًا بالقتلِ وسَفكِ الدماء.

- أنَّ الحبَّ ريحٌ من الجَنةِ، وليس وَهَجًا من الجَحيم.

- لا تُشوهوا القُدوةَ في مَعناها فتَنحلَّ الأخلاقْ.

- عَظِّمُوها تَنهضُ الأمَّة.

- هكذا يكونُ التناولَ، بالتربيةِ، بالموعظةِ الحَسنَةِ، بالثقافةِ، بالفَنِون، بمنهجٍ تكونُ الوَسَطَيةُ وسيلتَه، والتَسامُحُ صِفتَه، والرُشدُ غايَتَه.

لا تُضيِّعوا من تَعُولون

ثم يتوجه المستشار "المري" بكلمة إلى الآباء والأمهات، ويقول:

وإلى الآباء والأمهات نقول:

- لا تُضيِّعوا من تَعُولون.

- صَاحِبُوهم، ناقِشُوهُم، غُوصُوا في تفكيرهم.

- لا تتركُوهُم لأوهامِهم. اغرسُوا فيهم القِيَم.

ثم تَوجه "المري" إلى القاتل قائلًا: "وإلى القاتلِ نقول:

جئتَ بفعلٍ خَسيس هزَّ أرضًا طيبةً أَسَرَت لويس (إشارة إلى المنصورة التي أسرت ملك فرنسا لويس التاسع، حين غزا مصر بجيشه ضمن الحملات الصليبية).

- أَهرَقتَ دَمًا طاهرًا بطعَناتِ غَدرٍ جَريئة.

- ذبَحتَ الإنسانيةَ كلها، يومَ أنْ ذبَحَتَ ضَحيةً بريئة.

- إنَّ مَثَلَكَ كمَثلِ نَبتٍ سامٍّ في أرضٍ طيبة.

- كُلما عَاجَلَهُ القَطعُ قبلَ أن يَمتدَ، كان خيرًا للناسِ وللأرضِ التي نَبتَ فيها.

جئت بما لم يأتِ الوحش والحيوان

وحسب موقع صحيفة "اليوم السابع"، تَوجه "المري" إلى القاتل قائلًا: "يا محسوب على بني الإنسان، جئت بما لم يأتِ به الوحش والطير والحيوان؛ فقلبٌ قُدَّ من حديد، فكرتَ وقدرت، وسعيت وتدبرت، وأعددت سكينًا ماضيًا في حدته، وقتلت نفسًا زكية بغير حق، انتدبت بها مكانًا قصيًّا طعنًا ونحرًا، لقد جئت شيئًا إدًّا (عظيمًا في جرمه)".

وأضاف القاضي في كلمته خلال جلسة الحكم اليوم: "لقد أصبت الإنسانية في أعز مقدساتها، ثم قسى قلبك بعد ذلك فقتلت نفسًا؛ ومن الذي (طعنت ونحرت)؟! وزعمت أنك كنت تحبها، وكنت أنت أكثر الناس كرهًا وبغضًا لها، لم يكن ذاك حبًّا في الحجر الذي بين أُضلعيك، ما الذي كان يجري في عروقك؟! لو كان دمًا لما طعنت ونحرت إنسانة ادعيت كذبًا حبك لها".

واستكمل القاضي: "ألم تعد قبل جريمتك إلى صوابك؟ كلا لأن الإنسان مات في ذاتك؛ فقد يكون في موتك بهذا القضاء عظة وعبرة وردعًا للناس، خير من حياتك؛ لجريمتك بحق المجتمع إعمالًا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ القِصَاصُ فِي القَتلَى}، وقول الحق سبحانه وتعالى: {وَلَكُم فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يٓا أُولِي الأَلبابِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ}.. رُفِعَت الأقلام وجَفَّت الصُحُف".

وفي نهاية الجلسة، قررت المحكمةُ إرسالَ أوراقِ القضيةِ إلى فضيلةِ مفتي الجمهورية، لأخذ الرأي في إنزالِ عقوبة الإعدام بالمتهم. وحددت للنطق بالحكمِ جلسة يوم الأربعاء الموافق السادس من شهر يوليو 2022.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org