وصف عضو الإفتاء السابق بالمنطقة الشرقية الدكتور علي بن صالح المري، التشغيب على قرارات الدولة في شبكات التواصل الاجتماعي بأنه من الإرجاف والخروج على ولاة الأمر، وهي من المخالفات التي منعت منها الشريعة، مؤكدًا أن الواجب الشرعي في حال تقديم النصيحة أو الملاحظات على بعض القرارات التي تصدرها الجهات الحكومية تكون بالنصوص الشرعية والقواعد المرعية والطرق الرسمية وفق الأنظمة، وفي ذلك السلامة من الإثم.
وقال الدكتور علي المري في تصريح خاص لـ"سبق"، إن ما قررته وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد من قصر استخدام الميكروفونات الخارجية على الأذان والإقامة في المساجد هو قرار مبني على فتاوى لكبار العلماء، وهي متوافقة مع المقصد الشرعي الذي يشدد على رفع الأذان والإقامة، مشيرًا إلى أن رفع الصلاة من مكبرات الصوت الخارجية غير مشروع، وقد يحصل فيه من الأذية على المساجد القريبة من المسجد، بل ربما على أهل البيوت الذين يزعجهم هذا؛ لمرض ونحوه، والقاعدة الشرعية تؤكد "لا ضرر ولا ضرار".
وبيّن "المري" أن المطلوب من الإمام في الصلاة إسماع من هم داخل المسجد فقط، أما نقل الصوت خارج المسجد فليس هناك حاجة إلا إلى سبب معتبر. ومكبرات الصوت يصدر من خلالها الصوت بقوة، وهناك تقارب بين البيوت والمساجد، ويحصل التشويش على المصلين أنفسهم بسبب تقارب المساجد وتداخل الأصوات، والنبي - صلى الله عليه وسلم- خرج على أصحابه ذات ليلة، ورآهم يصلون ويجهرون وقال لهم: "لا يؤذين بعضكم بعضًا في القراءة".
وبيّن "المري": "أما رفع الإقامة بالمكبرات الخارجية فلا بأس بها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، يدل على أن الإقامة تُسمع حتى من خارج المسجد، وقد أدركت مساجدنا قديمًا لم يكن المكبر يستعمل فيها إلا في الأذان وخطب الجمعة فقط، وصليت بمسجدي إمامًا وخطيبًا لعدة سنوات والصوتيات مخصصة للأذان والجمعة".
وشدد عضو الإفتاء السابق على أن الواجب على الأئمة والخطباء وجماعات المساجد تطبيق القرار بكل دقة، وتوعية الناس بضرورة العمل وفق توجيهات وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد التي اتخذت القرار بعد دراسة مستفيضة، لافتًا إلى أن التشغيب عبر مواقع التواصل الاجتماعي ونشر المقاطع التي تحاول الإساءة بدعوى أن الوزارة منعت ذكر الله والصلاة هي مخالفة ومعصية، وتخدم أعداء الإسلام بعامة والمملكة بخاصة الذين يتربصون بنا الدوائر، وتشويه صورة بلادنا وولاتنا وعلمائنا، والواجب على الجميع تقوى الله والسمع والطاعة بالمعروف، وإذا أراد المسلم أن يقدم النصيحة فلها طرقها الشرعية".
وأردف: "لاشك أن بعض من تكلم وغرد لا نرتاب في محبته لدينه ووطنه وولاة أمره، ولكن حملهم على ذلك عاطفتهم وحميتهم لدينهم، إلا أن الحمية لدين الله لابد أن تكون منضبطة بضوابط الشرع المطهر".
ويدل على ذلك الحديث الذي رواه مسلم عن جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله -عز وجل-: من ذا الذي يتألى عليَّ ألا أغفر لفلان». هذا الذي قال: «والله لا يغفر الله لفلان» كان رجلاً صالحًا، والآخر كان رجلاً فاسقًا، فقال هذا الصالح: «والله لا يغفر الله لفلان»؛ لأن فلانًا هذا كان رجلاً فاسقًا مَريدًا كثير العصيان:- فالله -سبحانه وتعالى- عاقبه فقال: «من ذا الذي يتألى عليَّ»، يعني يتعاظم ويتكبر عليَّ، ويحلف عليَّ، أو يقسم عليَّ؛ لأن يتألى من "الأليَّة"، وهي الحلف، «ألا أغفر لفلان، إني قد غفرت له، وأحبطت عملك» فغُفر للطالح، وأُحبط عمل ذلك الرجل الصالح.
وتابع: "لهذا نبه الشيخ محمد بن عبدالوهاب في مسائل الباب بمسألة معناها: أن من الابتلاء والإيذاء وكلام الناس في المكلف -في الشخص- ما يكون أعظم أسباب الخير له، والمسألة من المسائل الاجتهادية التي تدور على المصالح والمفاسد، فلا يضلل فيها المجتهد ولا يشغب عليه ولا يتهم في نيته ومقصده، وهي أيضًا تدور على المصالح المرسلة التي لا يتوسع فيها من كل وجه، ولا يضيق فيها من كل وجه".
وأوضح عضو الإفتاء السابق الدكتور علي المري أن هذه الدولة المباركة قامت على الكتاب والسنة ونصرة الدين وأهله، وهذا من توفيق الله لهذه الدولة المباركة، سائلاً الله تعالى أن يوفق الجميع لخدمة دينه وإعلاء كلمته، وأن يصرف عن بلادنا الفتن والوباء، وأن يجزي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين كل خير ورشاد، على جهودهما لخدمة الإسلام والمسلمين.