أصبحت التقييمات المتقدمة، التي حصلت وتحصل عليها السعودية من الجهات الدولية، تقديرًا لنجاحاتها اللافتة في مكافحة فيروس كورونا ومتحوراته المتعاقبة، من الكثرة؛ إذ باتت السعودية نموذجًا عالميًّا يُحتذى به في درء مخاطر جائحة كورونا، والعودة بالحياة إلى طبيعتها بعيدًا عن الإغلاقات والقيود، التي تحدُّ من تنامي الاقتصاد وأنشطة السكان.. فبعد نحو ستة أشهر من تصنيف منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا وباءً عالميًّا احتلت السعودية المرتبة الـ13 عالميًّا في ترتيب أكثر الدول أمانًا في العالم من "كورونا"، وفقًا لتقرير مجلة "فوربس" الذي نشرته في أوائل سبتمبر 2020 نظرًا للإجراءات الفعالة التي اتخذتها السعودية في مكافحة الوباء في تلك الفترة.
وتقدَّمت السعودية إلى المركز الثاني عالميًّا من بين 120 دولة في مؤشر"نيكاي" الياباني للتعافي من فيروس كورونا المستجد، من حيث إدارة العدوى، وإطلاق اللقاحات، وعودة الأنشطة، وذلك في 17 سبتمبر 2021. واليوم الاثنين احتلت السعودية المرتبة الثانية أيضًا، لكن في تصنيف وكالة "بلومبيرغ" لأكثر الدول مرونة في التعامل مع "كورونا" لشهر يناير الجاري. وكما يلاحَظ، فهناك فاصل زمني بين التصنيفين الأخيرين، يُقدَّر بنحو ثلاثة أشهر ونصف الشهر، ورغم ذلك فإن السعودية احتلت في التصنيفين المرتبة نفسها؛ وهو ما يبرهن على قوة وثبات مستوى مكافحة السعودية للوباء، وسيطرتها عليه، ومعالجة آثاره.
وتكرار حصول السعودية على هذه التقييمات الدولية المتقدمة يطرح سؤالاً، مفاده: كيف نجحت السعودية في مكافحة "كورونا" رغم شراسة متحوراته، وتجنُّب الإغلاقات التي اضطرت إليها كثير من الدول، مثل بريطانيا وفرنسا وإسبانيا؟ الإجابة عن السؤال وردت في حيثيات إدراج "بلومبرغ" للمملكة في المركز الثاني لتصنيفها، التي ورد فيها أن "السعودية تشهد نهجًا يعتمد على الجمع بين تلقي اللقاح بشكل كامل، ومواصلة الانفتاح المستمر على السفر دون العودة إلى الإغلاقات الاقتصادية؛ إذ يُتوقَّع أن يشهد الاقتصاد السعودي نموًّا قويًّا مع مواصلة ارتفاع أسعار النفط".
وتشير حيثيات التقييم إلى برنامج التطعيم الذي اعتمدته السعودية في الوقاية والعلاج من "كورونا"، الذي أثبت فاعلية كبيرة في القضاء على خطر الفيروس، وتحييد مخاطر متحوراته، وخصوصًا الشرسة منها، كـ"دلتا" و"أوميكرون"، اللذين أرعبا العالم. ولتوضيح فاعلية برنامج التطعيم السعودي بلغة الأرقام، ووفقًا لموقع "كوفيد فاكس لايف"، المتخصص في إحصاء وتسجيل عمليات التلقيح في دول العالم، فإن السعودية أعطت لسكانها إلى اليوم أكثر من 57 مليونًا و81 ألف جرعة، بمعدل 2.45 جرعة كل ثانية، أو 211.513 جرعة كل يوم، وهو معدل تلقيح عالٍ، أدى إلى ارتفاع نسبة التحصين بين سكان السعودية إلى 70 في المئة بجرعتَيْن ضد كورونا في شهر نوفمبر الماضي، ومن المؤكد أن تلك النسبة زادت الآن؛ وهو ما يكفي لعودة الحياة إلى مجراها الطبيعي.