تراهن دول العالم في الوقت الراهن على تلقيح أكبر عدد من سكانها ضد فيروس كورونا المستجد؛ وذلك في مسعى إلى تطويق الوباء الذي أحدث شللاً اقتصاديًّا غير مسبوق في العالم.
وفي خضم هذا التحرك العالمي الواسع أضحى الشخص الذي أخذ جرعتَي التطعيم يوصف بالملقح "لقاحًا كاملاً"، بينما يقول خبراء إن الحديث عن تلقيح تام ضد العدوى قد يكون مضللاً وغير دقيق، وربما يجعل الأفراد يستهينون بالإصابة، وفق "سكاي نيوز عربية".
وفي وقت سابق من أكتوبر الجاري تُوفي كولن باول، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، من جراء مضاعفات مرض "كوفيد 19"، بالرغم من أنه ملقح بجرعتَين من التطعيم المضاد لكورونا. لكن السياسي والعسكري الأمريكي السابق كان يعاني مما يعرف بالورم النخاعي، وهو نوع من السرطان يؤدي إلى تلف كبير في الجهاز المناعي لدى الإنسان، حتى أنه يصبح قادرًا على إنتاج نوع واحد فقط من الأجسام المضادة.
ويوضح جيمس هامبلن، وهو خبير في الطب الوقائي وأستاذ محاضر في الطب بجامعة يال في ولاية كونيتيكيت الأمريكية، أن نسبة كبيرة ممن يعانون هذا الاضطراب الصحي لا يحصلون على مناعة كافية ضد عدوى كورونا عندما يأخذون اللقاح. وأشار إلى دراسة صدرت في يوليو الماضي، ونبهت إلى أن 45 في المئة فقط ممن يعانون الورم النخاعي، واستفادوا من اللقاح، طوروا استجابة مناعية تكفي للحماية ضد كورونا.
ويوصي الأطباء الأشخاص الذين يعانون سرطان الدم بأخذ جرعة معززة، لكن زيادة الجرعات لن تؤدي إلى تحول جذري في نظام مناعي لم يعد قادرًا في الأصل على المكافحة. وتبعًا لذلك فإن مرض كولن باول الشديد بمضاعفات كورونا لم يشكل مفاجأة بالنسبة للأطباء؛ لأنهم كانوا يعرفون أنه من بين الأكثر هشاشة أمام المرض، رغم أخذ التطعيم.
ويقول الخبراء إن هذه الوفاة لا تنال من نجاعة اللقاحات كما يزعم بعض المهووسين بنظرية المؤأمرة؛ لأن من يصنعون اللقاحات لم يزعموا يومًا أن التطعيم يحمي بنسبة 100 في المئة.
وتساعد اللقاحات على جعل أعراض مرض "كوفيد 19" أخف بكثير؛ وهو ما يعني تراجع عدد من يضطرون لدخول المستشفى، وخفض الوفيات التي تنجم عن الإصابة بالعدوى.
ويرى الخبير الصحي الأمريكي، جيمس هامبلن، أن عبارة ملقح "لقاحًا تامًّا" يجري استخدامها على نحو غير ملائم في كثير من الأحيان، مشددًا على أن توخي الدقة أمر ضروري من أجل توعية الناس بشكل علمي وأمين؛ وبالتالي إنجاح حملات التلقيح.
أما النقاش الذي يدور بشكل محموم في الولايات المتحدة خلال الوقت الحالي فينصبُّ حول جدوى الجرعة الثالثة، ومن ينبغي أن يستفيد منها، في ظل تقارير عن تراجع الأجسام المضادة بشكل ملحوظ في الجسم بعد ستة أشهر من أخذ الجرعة الثانية.
وتحدّث "هامبلن" عن تغيُّر مستمر في تعرف اللقاح التام، ففيما قبل كانت معايير المراكز الأمريكية لمراقبة الأمراض والوقاية منها تقول إن الشخص يكون ملقحًا لقاحًا تامًّا عندما يمر أسبوعان على أخذه جرعة اللقاح الثانية، أما اليوم فصارت هناك جرعة معززة بعد أشهر، وربما تتغير الإرشادات خلال الفترة المقبلة.