‫بعد أن غيرت موقفها من الاتفاق النووي.. لماذا تؤيد السعودية تشديد العقوبات على إيران؟

إصرار النظام على تطوير البرنامج الصاروخي كشفه للعالم
‫بعد أن غيرت موقفها من الاتفاق النووي.. لماذا تؤيد السعودية تشديد العقوبات على إيران؟

رغم العيوب التي تضمنها الاتفاق النووي الإيراني، الذي توصلت إليه الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا مع النظام الإيراني، فإن دولاً عديدة في منطقة الشرق الأوسط والعالم، لم تتحفظ على الاتفاق، وإن كان ذلك على مضض، تماشياً مع أجواء التفاؤل، التي رافقت التوصل إلى إبرام الاتفاق في أبريل (نيسان) 2015، ووجهة النظر التي تبتنها واشنطن في هذا الصدد من أن الاتفاق سيشجع إيران على التقيد بالنظام الدولي في سياستها الخارجية، وسيقنعها بالتخلي عن نهجها المزعزع للاستقرار في المنطقة.

ومن تلك الدول التي لم تتحفظ على الاتفاق النووي الإيراني في البداية السعودية، التي أيدت كل الجهود الدولية المبذولة لاستيعاب إيران ضمن المنظومة الدولية، وحثها على تعديل سلوكها العدائي، الذي يلحق الضرر بالنظام الإقليمي ويؤثر على أمن واستقرار دول المنطقة، ولقد عبر الملك سلمان عن موقف المملكة بهذا الشأن في زيارته الأولى إلى الولايات المتحدة أوائل سبتمبر (أيلول) 2015، أثناء اجتماعه مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في البيت الأبيض.

استمرار العداء

والتزمت السعودية بموقفها من الاتفاق النووي الإيراني دون تغيير، لكنها فوجئت مثل بقية دول العالم أن النظام الإيراني تمادي في سلوكه العدائي تجاه دول الجوار، بل سخر المزايا التي عادت عليه من الاتفاق النووي مثل رفع جزء من العقوبات الدولية، وعقوبات الولايات المتحدة، واسترداد أرصدته المجمدة فيها، في مضاعفة ميزانيات مشروعه التوسعي ودعم الإرهاب، وفيما يتعلق بالسعودية لم تكد تمضي قرابة ثمانية أشهر على توقيع الاتفاق حتى أقدم النظام الإيراني على حرق سفارتها في طهران وقنصليتها العامة في مدينة مشهد، مما أكد لها أن النظام الإيراني لم يتغير، ودعاها بناءً على ذلك إلى التيقن من خطورة البرنامج النووي الإيراني وضعف الاتفاق الذي أبرم مع النظام بشأنه.

وأوضح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في حواره مع صحيفة الشرق الأوسط المنشور اليوم (الأحد)، أسباب تغير الموقف السعودي من الاتفاق قائلاً: "إن المملكة أيدت الاتفاق النووي مع إيران، لأنها على مرّ التاريخ لم تدخر جهداً لحل أي أزمة واجهتها عبر السبل الدبلوماسية والسلمية، وكنا نأمل في أن النظام الإيراني سيستغل هذه المبادرة لتغيير تصرفاته تجاه دول المنطقة، وأن تكون خطوة أولى نحو عودة إيران إلى المجتمع الدولي كدولة طبيعية، لكن للأسف ما حدث هو أن إيران استغلت العائد الاقتصادي من الاتفاق في دعم أعمالها العدائية في المنطقة، واستمرت في انتهاك القرارات الدولية"، وتظهر هذه الأسباب استناد تغير موقف السعودية إلى مبررات موضوعية تتعلق بالنظام الإيراني نفسه، وهي مبررات جديرة من حيث خطورتها بتعاطٍ جديد معها ينسجم مع ما تحمله من تهديد لأمن واستقرار المنطقة.

خرق الاتفاق

فكل الشواهد تجمع على أن إيران لم تكن صادقة النوايا في توقيع الاتفاق النووي، بما يفرضه عليها من إنهاء برنامجها النووي، ووضعه تحت الرقابة الدولية، فمن المعلوم أن المكون العسكري للبرنامج النووي الإيراني يمثل الهدف الأساسي من توقيع الاتفاق، وكان من المفترض أن تلتزم إيران بوقف برنامجها بكل أبعاده، لكنها خرقت الاتفاق، فأوقفت مراحل تخصيب اليورانيوم المتعلقة بتصنيع الأسلحة النووية، دون أن توقف بالتوازي معه برنامج الصواريخ الباليستية المعد لحمل الرؤوس النووية، مما كشف النظام الإيراني أمام العالم، ودعا إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الانسحاب من الاتفاق بعد استنفاذ محاولات إثناء إيران عن استئناف تطوير برنامجها الصاروخي، ودفع التطورات في اتجاه التوتر الحالي الذي تشهده المنطقة.

وفي المحصلة، فإن تغير الموقف السعودي من الاتفاق النووي الإيراني يعد مبررًا تماماً، في ضوء ما صدر عن النظام من أسباب موضوعية، تدفع إلى التكاتف لحماية المنطقة والعالم من شروره، لاسيما أنه يتبنى أيديولوجية توسعية تقوم على أطماع هائلة في دول المنطقة ومقدراتها، ويستخدم في سبيل تحقيقها الإرهاب ودعم الميليشيات العسكرية الخارجة على سيادة الدول التي تتشكل فيها، وتلك مخاطر لا تخطئها أي حسابات، ومن الطبيعي التعامل مع النظام الإيراني وفقاً لها، وهذا ما تتبناه السعودية في موقفها الحالي القائم على رفض الاتفاق النووي وتأييد فرض عقوبات مشددة وشاملة على النظام الإيراني لإرغامه على تغيير سلوكه، الذي يضر بأمن واستقرار المنطقة، ويطيل أمد التوترات فيها.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org