تصاعدت حدة الغضب وحالة الانقسام في الداخل القطري على المستوى الشعبي من جهة وداخل أسرة "آل ثاني" من جهة ثانية، عقب قيام قناة "الجزيرة" ببث الجزء الأول من فيلمها "ما خفي أعظم"، وسط مطالبات واسعة بوقف عرض الجزء الثاني من فيلم "الفتنة" خشية تعزيز حالة التخوين داخل قطاعات شعبية كبيرة.
فعلى المستوى الشعبي، جاءت نتائج الفيلم مخالفة تماماً لما كانت تتوقعه دوائر صنع القرار في الدوحة؛ حيث أحدث الفيلم حالة غليان وغضب شعبي غير مسبوق خصوصاً بين أبناء القبائل الذين شوه من حبك سيناريو الفيلم سمعتهم بالإيحاء إلى تورط بعضهم في محاولة الانقلاب المزعومة.
الشهادات التي وردت في الفيلم على لسان الشهود، ضربت بـ"السلم الاجتماعي" في قطر عرض الحائط، بتخوين أسماء معروفة في المجتمع القطري ما انعكس سلباً على أبنائها وذويها الذين قد تكون لهم ردة فعل سلبية وموقف ضد النظام، فيما زادت نبرة التخوين والتآمر التي غذّاها النظام القطري بفيلمه الأخير داخل المجتمع القطري وأصبحت مثار حديث ونقاشات حادة داخل الأسر والقبائل القطرية.
الجزء الأول من فيلم قناة "الجزيرة"، زاد من حالة التخوين والتشكيك داخل المؤسستين الأمنية والعسكرية وبين قياداتهما، بعد ظهور أسماء أمنية وعسكرية كبيرة يزعم النظام تورطها في محاولة الانقلاب، فيما أحدث انقساماً وارتباكاً داخل المؤسستين نتيجة عدم معرفة أي طرف (من مع من، ومن ضد من)، حيث قسّم تنظيم الحمدين المؤسسات العسكرية والأمنية إلى قسمين الأول مع النظام الحالي والثاني مع النظام السابق.
وقد لوحظ عشية عرض الجزء الثاني من الفيلم تصاعد حدة المخاوف داخل بعض الأجهزة الأمنية والعسكرية من ظهور أسماء قيادات أمنية وعسكرية كبيرة يزعم النظام الحاكم في قطر تورطها أو تورط أحد أقاربها في الانقلاب المزعوم، بما قد يشي بحالة تصفية جديدة قد يلجأ لها النظام القطري بحق قيادات المؤسستين بـ"أثر رجعي" ظاهره حادثة الانقلاب المزعومة القديمة، ولكن باطنه قد يكون ذو صلة باستياء تلك القيادات من سياسات النظام الحالي التي آلت إلى قرار مقاطعتها من الدول الأربعة.
أما على المستوى الرسمي، فقد أحدث الفيلم حالة انقسام واضحة بين أقطاب الأسرة الحاكمة في قطر، حيث صعّدت محاولات التشكيك والتخوين التي تعامل بها من وضع سيناريو الفيلم مع كل من يخالف النظام الحالي من حالة الغضب بين أفراد أسرة آل ثاني ممن لا يتوافقون مع سياسة التنظيم، وتخوينه كل من يخالفهم في التوجه أو حتى في التعاطف مع النظام السابق.
وكان من الواضح، أن النظام القطري الحالي يسعى من خلال فيلم "ما خفي أعظم"، إلى ضرب أقطاب أسرة آل ثاني ممن يحظون بقبول لدى الشعب القطري الرافضين لسياسات التنظيم في بعضهم وتخوينهم، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي تعيشها قطر لضمان فشل أي انقسام أو توافق شعبي خارج محيط النظام الحالي.
وعلى الصعيد الإعلامي، خرجت عدد من وسائل الإعلام القطرية مقروءة ومرئية ومسموعة بعد عرض الجزء الأول من الفيلم، في حالة ارتباك واضحة في تعاطيها مع مضامينه، لا سيما مع تلك الشهادات التي طالت شخصيات مهمة في الأسرة أو في المؤسسات العسكرية، حيث وضع نظام الدوحة وسائل إعلامه في وضع لا تحسد عليه في الكيفية التي يمكن أن تتعامل بها مع تفاصيل انقلاب الابن على والده وفي محاولة تجميل عقوق وانقلاب الابن على والده وبث المزيد من الأكاذيب تجاه حاكم متوفى يحظى بقبول شعبي واسع.