يطلقون عليها عاصمة الموضة والأناقة، والعطور، والفن، والمدينة السياحية الأولى في العالم، والمدينة الأوروبية الأجمل بمعالمها، ومتاحفها، والقصور، والآثار، والمقاهي، والأسواق، والحدائق والمتنزهات والميادين التاريخية التي تزخر بها، وهي بالفعل كذلك، فـ"باريس"، عاصمة النور، اللقب الذي أطلق عليها في عصر التنوير، تعد اليوم واحدة من أهم المراكز التجارية والثقافية، ومن أكبر المدن العالمية التي يزورها أكثر من 33 مليون سائح سنوياً.
"سبق"، رصدت بإيجاز بعض أهم المعالم السياحية والتاريخية اللافتة في العاصمة الفرنسية.. ففي قلبها ينتصب برج "ايفل" العملاق الشهير الذي بُني من الحديد عام 1889م، والمسجّل ضمن التراث العالمي في منظمة اليونسكو، الذي يطل من قمته البالغة 324 متراً على المناظر الرائعة للمدينة، وتزدحم ساحاته ببائعي التحف، والمصورين، والزوّار من مختلف الجنسيات في انتظار الحصول على التذاكر للصعود للقمة والاستمتاع بالمنظر، وفي الطرف الشمال الغربي للمدينة يمتد شارع "الشانزليزيه" الشهير؛ أحد أرقى الشوارع التجارية السياحية الجاذبة للزوّار، بمطاعمه ومقاهيه، ومحاله الراقية، وفيه مطعم ومقهى "فوكيت" الأحمر الشهير الذي يقع على تقاطع الشانزليزيه مع شارع جورج الخامس، واُفتتح عام 1899م، ويزوره عديدٌ من السعوديين والعرب؛ بل هو المكان المفضل للخليجيين بشكل عام، ويتميّز بمذاق القهوة اللذيذ، ومأكولاته الفرنسية، وتحب الأسر السعودية الجلوس في هذا المقهى ربما لموقعه ولقربه من المحال التجارية التي تعرض الماركات والموديلات والموضات العالمية، كذلك بالقرب منه يقع مخبز "لاديوغي" المعروف بـ"الماكرون"؛ أحد أشهر الحلويات الفرنسية.
والغريب أن الفرنسيين لا يعتبرون هذا الشارع الشهير "الشانزليزيه"، مكاناً سياحياً؛ بل يعدّونه رمزاً للسيادة والاستقلال، ففيه يقع القصر الجمهوري، وتنظّم عليه الاحتفالات الوطنية والرياضية، والعروض العسكرية السنوية.
ويفضي "الشانزليزيه" في نهايته إلى أكبر الميادين الفرنسية، ساحة "الكونكورد" الواسعة التي صُممت عام 1755م، وتتوسطها مسلة كليوباترا الفرعونية الأثرية الضخمة التي أهداها والي مصر محمد علي؛ للحكومة الفرنسية عام 1829م، وفي الجزء الشمالي من الساحة يقع متحف اللوفر؛ أحد أكبر المتاحف الفنية المهمة في أوروبا والعالم بما يضمّه من تشكيلة تاريخية نادرة من منحوتات، وقطع أثرية من حضارات مختلفة، ولوحات فنية قديمة، وآثار إسلامية تاريخية من حقبة وفترات قديمة تثير الدهشة لقدمها، وجديرة بالاطلاع والتعرف عليها.
ولعل أكثر ما يلفت النظر في باريس، هو "قوس النصر" الذي افتتح عام 1836م، أثناء حكم الإمبراطور نابليون، الذي قال لجيوشه عند الانتهاء من بناء القوس: "ستعودون إلى البيت عبر أقواس النصر"، لذا نقش على جدرانه الداخلية 660 اسماً من أسماء القادة العسكريين، و96 من انتصاراته العسكرية.
وتظل رحلة عبر نهر "السين" الذي يتمدّد متعرجاً في وسط المدينة من الأمور الماتعة التي تدهش الزائر حيث تتيح الرحلات بالمراكب الكبيرة رؤية عدد من أجمل معالم ومواقع باريس، إضافة إلى المرور بالقرب من الأبنية التاريخية، والجسور، والمطاعم والمقاهي المتنوعة الممتدة على ضفافه، وتبرز في أحد تفرعات النهر الشرقية كاتدرائية "نوتردام" التاريخية الشهيرة التي تم بناؤها عام 1163م بعمارتها القوطية الفرنسية اللافتة، التي احترقت قبل أشهر في أثناء ترميمها.
ويمكن القول إن التجربة الباريسية لا يمكن اختصارها في تقرير صحفي مختصر؛ لأنها تجمع بين الترفيه والفائدة، وزيارتها ليست مجرد زيارة عابرة؛ بل هي ذكرى ستظل راسخة في أذهان زائريها وعقولهم.