بالصور.. "ديليجان" المذهلة التى لا يعرفها  السعوديين .. طبيعة تخاطب الروح وأطعمة عشبيه نادرة

بالصور.. "ديليجان" المذهلة التى لا يعرفها  السعوديين .. طبيعة تخاطب الروح وأطعمة عشبيه نادرة
تم النشر في

في قلب مقاطعة تافوش شمال أرمينيا، تتربّع مدينة ديليجان وسط غابات كثيفة وهواء نقي وهدوء يلائم التأمل، لتُحظى بلقبين يختصران سحرها: "لؤلؤة أرمينيا الخضراء" و"سويسرا أرمينيا". هنا، يبدو كل شيء مهيّأً ليصالح الزائر مع نفسه؛ مسارات مشي بين الجبال، بحيرات صافية، ومجتمع محلي يستقبل الضيف بابتسامة صادقة ومائدة عامرة.

لم تكن ديليجان مجرد مدينة جميلة فحسب، بل شكلت لعقود طويلة ملاذاً للموسيقيين والشعراء والرسامين خلال الحقبة السوفيتية؛ حيث احتضنت منتجعات صحية ومراكز للعلاج الطبيعي وفيلل جبلية في أحضان الغابات.
أحد أشهر هذه المعالم هو "مجمع بيت الموسيقيين" الذي يضم قاعة عروض موسيقية ومنتجعاً منفصلاً بفيلل ومسبح بين مزارع التفاح في أعالي الجبال. في هذه الفيلل أقام كبار الموسيقيين في العالم مثل خاتشاتوريان، شوستاكوفيتش، روستروبوفيتش وغيرهم، وتركوا بين جدرانه ألحاناً أصبحت جزءاً من ذاكرة الموسيقى العالمية. واليوم يمكن للسائح أن يحجز نفس الفيلل التي استضافت تلك الأسماء، ليعيش تجربة إقامة تحمل بصمة تاريخية خاصة.

مئات الأصناف بطعم الأعشاب والجبال

على موائد ديليجان، للطعام حكاية مختلفة. فالمطبخ الأرمني معروف عالمياً بأطباقه الغنية، لكن ديليجان تضيف إليه بعداً آخر عبر استخدام مئات الأنواع من الأعشاب الجبلية والفطر الطازج. نادراً ما تخلو مائدة من أعشاب خضراء عطرية وفطر برّي يدخل في السلطات، الأطباق الرئيسية والحساء.

يكتمل المشهد حين تمتد التجربة إلى الهواء الطلق عبر رحلات "البيسيدكا" في الجبال، حيث تُحجز مسبقاً أماكن مخصصة للشواء، تُجهَّز فيها محطات لحوم مشوية على الطريقة المحلية، ولا تغيب الذرة الديليجانية المشهورة عن المشهد. أما داخل المدينة فتبرز مطاعم تقدّم أطباق ديليجانية أصيلة مثل "دارافاند"، "بيت بابانينو"، "تون أرميني"، "دغهسيني"، "يوريني"، "ناري"، و"إم تون ديليجان"، حيث تمتزج الأطباق التقليدية بروح ضيافة دافئة تجعل الزائر يشعر كأنه بين أهله.

طفرة فندقية 

تشهد ديليجان نهضة واضحة في قطاعي الضيافة والسياحة، مع افتتاح فنادق ومنتجعات جديدة إلى جانب عشرات الفنادق القائمة، ما يرفع مستوى الخدمات لمعايير عالمية. وتُعد فنادق مثل "ديليجان إن" و"ديليجاني تون" من أبرز خيارات الإقامة، سواء لعشاق الطبيعة أو لزوار الأعمال والفعاليات.

وتبرز بقوة مشاريع شركة "جرين روك للإدارة" التي تعمل على تحويل ديليجان وأجزاء أخرى من أرمينيا إلى مراكز فرص مستدامة وشاملة، عبر الدمج بين المشاريع التجارية والثقافية والاجتماعية. ومن أبرز هذه المشاريع "منتجع ومجمع سكانا" في ديليجان، الذي يُقام على مساحة 43 ألف متر مربع، ويضم نحو 180 غرفة فندقية وقاعة مؤتمرات لـ500 شخص، إلى جانب دور سينما ومتاجر ومنتجع صحي ومطاعم ومركز مؤتمرات. وقد صُمم ليكون مركز الضيافة الأول في المدينة ووجهة سياحية وتجارية رائدة تربط بين السياحة الترفيهية وسياحة الأعمال والفعاليات.

سياحة مستدامة 

تتجاوز رؤية "جرين روك" حدود الاستثمار الفندقي إلى تنمية المجتمع المحلي وصون الهوية والبيئة. الشريكة المؤسسة ماريتا جيفوركيان، المنحدرة من ديليجان، تلخص ذلك بقولها إن المدينة "واحة خضراء تزخر بالمناظر الطبيعية والتجارب التراثية والثقافية"، مؤكدة أن لديليجان "إيقاعها الخاص وروح المشاركة والعطاء"، وأن حبّها لمسقط رأسها يدفعها لتقديم صورة تليق بجمالها وتفاصيلها.

ومن خلال "مؤسسة جرين روك – Green Rock Foundation" تُنَفَّذ مبادرات تركّز على ثلاثة محاور: التعليم، الثقافة، وتنمية المجتمع. تشمل هذه الجهود:

  • مدرسة "أبيشيوس أرمينيا" الدولية لفنون الطهي والضيافة بالشراكة مع "أبيشيوس فلورنسا"، لتخريج قادة المستقبل في الضيافة والسياحة.

  • منصة "تعرف على ديليجان – MeetDilijan.com" التي تروّج للمدينة كوجهة ثقافية وطبيعية وإبداعية لسياحة الأعمال والفعاليات.

  • مبادرات الاستدامة مثل "التاكسي الأخضر" عبر إدخال سيارات هجينة صديقة للبيئة، وتجديد مدرسة ديليجان الرياضية، وبرامج صيفية للشباب، ومشاريع تدعم المتاحف، والفنون، ورعاية الكلاب الضالة بطريقة إنسانية.

وتوضح إيكاترينا بريديكينا، رئيسة مؤسسة جرين روك، أن عمل المؤسسة يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية: الثقافة والفن، تطوير أسلوب حياة السكان المحليين، والاستدامة. وتضيف أن الهدف هو جعل ديليجان "مكاناً مناسباً للعيش والسياحة معاً"، ووجهة لاستضافة المؤتمرات والمعارض العالمية وجذب السياحة طويلة الإقامة، مشيرة إلى خطط لاستضافة تجمعات دولية متخصصة في الأطعمة والمشروبات بحلول عام 2029.

التراث والطبيعة

لا تقتصر زيارة ديليجان على الاسترخاء في الغابات أو تذوق الأطعمة؛ فهناك شبكة واسعة من التجارب الأصيلة التي تعرّف الزائر على روح المدينة:

  • في "مجمع ديليجان القديم – شارع شارامبيان" يمكن مشاهدة الحرفيين وهم ينحتون الخشب، ينسجون السجاد، ويخبزون خبز "اللافاش" في أفران تقليدية، مع إمكانية الانضمام لورش عمل لإعداد أطباق أرمنية مثل "الدولما" وحلوى "الجاتا" وتحضير المربى والعسل.

  • في متحف الفنون الشعبية ومتحف ديليجان الجيولوجي، يتعرّف الزائر على الحرف التقليدية وتاريخ المنطقة الطبيعي والإنساني.

  • في "تومو ديليجان" ومجمع "UWC Dilijan" تتجلى روح التعليم والإبداع في مبانٍ حديثة مندمجة مع الطبيعة، تستقبل طلاباً من أرمينيا والعالم.

بحيرات وغابات

تُعد "حديقة ديليجان الوطنية" القلب الأخضر للمنطقة، حيث تمتد مسارات المشي عبر غابات الزان والصنوبر وصولاً إلى بحيرة "بارز ليش" أو "البحيرة الصافية"، وبحيرة "غوش"

كما يمكن زيارة مركز تربية الغزلان في أعماق الحديقة، حيث تُنفذ برامج لإعادة توطين الغزال الأحمر القوقازي في بيئته الطبيعية، في تجربة تحمل بعداً بيئياً وتعليمياً للأسَر والأطفال.

أهل ديليجان يحرصون على نظافة مدينتهم وعلى حماية ما وهبه الله لها من غابات ومياه وهواء نقي. لذلك يدعون الزائر إلى المغادرة كما جاء: "ضيفاً يعود حارساً للمدينة وذكرياته فيها". يمكن للزائر الإقامة في بيوت ضيافة خشبية تعتمد على الطاقة الشمسية، والمشاركة في مبادرات مثل "تبنَّ مساراً" أو "تنظيف الغابة"، والانضمام إلى جولات تأمل قرب البحيرات، أو ملاذات عافية تمزج بين تقاليد الشفاء الأرمنية، واليوغا، والفنون.

في ديليجان، تتجاور الطبيعة البِكر مع مشاريع تعليمية وثقافية عصرية، وتُكمل المطاعم والمقاهي والمنتجعات الفندقية لوحة مدينة صغيرة بقلب كبير. إنها وجهة مثالية لعشّاق الطبيعة والمغامرة والثقافة، وللعائلات التي تبحث عن إجازة هادئة في أجواء باردة صيفاً وساحرة شتاءً، حيث لا تغيب عن الذاكرة تلك اللحظة التي تتصافح فيها مع الأشجار، وتستمع إلى هدير الشلال، بينما تداعب أطباق ديليجان الحكايةَ الأجمل… براعم التذوق.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org