هل علينا شهر رمضان الفضيل، وتبدأ "سبق" في سرد القصص التاريخية لأبرز المدن الإسلامية، وكيف تم الفتح الإسلامي لها، وما مكانة المدينة الآن.
أطلق عليها المدينة الطائرة أو مدينة الأباطرة والإسلامبول ومدينة بيزنطة، والقسطنطينية، والأستانة، وغيرها من المسميات، وهي أكبر مدن تركيا، وعاصمتها لمدة تزيد على 500 عام، وتتمتع باقتصاد مزدهر ومعالم سياحية فريدة.
إنها "إسطنبول".. تاج إقليم مرمرة، والتي يقسمها مضيق البوسفور إلى قسمين؛ شرقي وغربي، يقع الشرقي في قارة آسيا، والغربي في قارة أوروبا.
ويعود تاريخ المدينة إلى العصر الحجري الحديث، حيث أظهرت عمليات الحفر آثارًا تدل على أنها كانت مأهولة في الألفية السابعة قبل الميلاد، أي منذ ما يقارب 9 آلاف عام.
وفي عام 330 ميلادي اختار قسطنطين الأول بيزنطة عاصمة رسمية للإمبراطورية الرومانية، وغير اسمها إلى القسطنطينية.
عند انقسام الإمبراطورية الرومانية عام 395 إلى إمبراطوريتين شرقية وغربية بعد وفاة الإمبراطور ثيودوسيوس الأول، أصبحت القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية الشرقية، وروما عاصمة الإمبراطورية الغربية.
بعد ظهور الإسلام وتوسع المسلمين في العالم بالقرن السابع الميلادي كانت القسطنطينية إحدى وجهات حركة الفتوحات، رغبة في تحقيق بشارة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الواردة في قوله: "لتفتحن القسطنطينية؛ فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش".
توجهت لفتحها عدة جيوش في فترة الخلافة الأموية لكنها جميعها باءت بالفشل بسبب حصانتها ومكانتها العالية في قلوب البيزنطيين الذين استماتوا في الدفاع عنها، إلا أن هذه الهجمات أضعفت كثيرًا قوة الدولة البيزنطية.
هاجمها الصليبيون الكاثوليك -نتيجة لصراعهم التاريخي مع الروم الأرثوذكس- عام 1204 خلال الحملة الصليبية الرابعة التي توجهت إلى الشرق، فاحتلوها ونهبوها وارتكبوا مذابح فيها.
استطاع العثمانيون تدريجيًا السيطرة على أراضي الدولة البيزنطية بالأناضول، فسيطروا على أهم المدن مثل بورصة وإزميت التي تشكل البوابة الشرقية البرية للقسطنطينية، وعلى غاليبولي المشرفة على مضيق الدردنيل، ثم توسعوا غرب المدينة في تراقيا وسيطروا على أدرنة، ووصلت حروبهم إلى بلغاريا واليونان، وبهذا ضيقوا الخناق على المدينة وعزلوها تمامًا عما حولها.
سقطت القسطنطينية يوم 29 مايو 1453 في أيدي العثمانيين بقيادة السلطان محمد الثاني الملقب بالفاتح بعد حصارها لمدة 53 يومًا، وبعد عمليات عسكرية معقدة لتجاوز خطوط الدفاع التي تحمي المدينة من البر والبحر.
بعد الفتح العثماني، نقل الفاتح عاصمة الدولة العثمانية من أدرنة إلى القسطنطينية وأصبحت إسطنبول عاصمة الخلافة الإسلامية عام 1517 حين أُعلن السلطان العثماني سليم الأول خليفة للمسلمين بعد أن تنازل له عن الخلافة آخر الخلفاء العباسيين في مصر، وبذلك وصلت أوج فترات قوتها وازدهارها وجذبت آلاف المواهب النادرة في مختلف مجالات السياسة والتجارة والعلوم المختلفة.
ويأتي شهر رمضان على إسطنبول بروحانية وحماس شعبي حيث تزينت الجوامع التاريخية في المدينة لاستقبال شهر الصيام ورفع لافتات أضواء "المحيا"، وهو تقليد عثماني بدأ للمرة الأولى في عهد السلطان أحمد الأول، حيث علق "المحيا" على المسجد الأزرق (السلطان أحمد) في إسطنبول وتم الحفاظ عليها كتقليد عثماني منذ ذلك الحين.
وتتكون لافتات "المحيا" عادة من عبارات أو كلمات دينية وأخلاقية مكتوبة بالأضواء، وتعلق بين مآذن المساجد، وتبقى طوال شهر رمضان، وخصوصًا في مسجد الفاتح والجامع الجديد وجامع أبي أيوب الأنصاري وغيرها.
ومن أبرز ملامحها كاتدرائية آيا صوفيا التي حولها المسلمون في العهد العثماني إلى جامع، ثم حولها مصطفى كمال أتاتورك إلى متحف، وعادت لتُقام فيها الصلوات.