تستمر "سبق" في تسليط الضوء على حضارات الجزيرة العربية التي اندثرت وعمرها فوق 4000 سنة في سلسلة "حضارات أرض الجزيرة العربية، ووفقًا لقدم الحضارات التي سكنت الجزيرة، كان العماليق أمة عظيمة وكبيرة من العرب القدماء، وهم من أقدم الأمم التي سكنت الجزيرة العربية من ذرية عمليق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح.
عاصروا الأنبياء وحكموا بلدانا كثيرة: نجد، البحرين، عمان، مصر، اليمن، سوريا، الحجاز، العراق.. ويكشف الباحثون أن قبائل العماليق كانت تتميز بشيء من الطول والجسامة، ويرى بعض المؤرخين أن سكان الجزيرة العربية كانوا حتى عام 1600 قبل الهجرة ضخامًا وبقي لهم أحفاد إلى ما بعد ذلك، وعرفوا بهذا الاسم وإن لم يكونوا يحملون ذلك القدر من الطول ولا يعمرون ما يعمر به أسلافهم.
والعماليق في كتب التاريخ العربية من أحفاد "عملاق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح"، كانوا يسكنون الجزيرة العربية، ثم رحلوا وسكنوا مع الأحفاد الآخرين لنوح في منطقة الرافدين ثم خرجوا مع مجموعات أخرى وتكاثر أحفاد نوح حتى زاحم بعضهم بعضًا.
عاد العماليق إلى الجزيرة العربية وانتشروا في أنحائها وسكنت قبائلهم الكثيرة في نجد والبحرين وعمان واليمن وتهامة وبلغوا أطراف بلاد الشام. وكان منهم فراعنة مصر أيضًا.
ويذكر الطبري أن الذين سكنوا يثرب منهم هم من قبيلة جاسم، ويذكر ابن خلدون قبائل أخرى هي بنو لف بنو سعد بن هزال بنو مطر بنو الأزرق.
والعلماء يتفقون على أن وجود العماليق قديم في يثرب سواء في فترة التأسيس أو بعدها مباشرة. ومن المؤكد أن العماليق وجدوا في يثرب قديمًا، وأنهم عرب.
ويرى الطبري أن جدهم عمليق هو أول من تكلم العربية كما أن أسفار التوراة ذكرتهم عدة مرات وسمتهم باسمهم العماليق حينًا وباسم الجبارين حينًا آخر، وذكرت أسماء بعض زعمائهم ومدنهم العربية، فقد عاصروا دخول وخروج بني إسرائيل من وإلى مصر واصطدموا معهم في معارك عدة بمنطقة سيناء بعد خروجهم من مصر.
ذكروا في التوراة بوصفه شعبًا معاديًا لليهود وقد عدهم اليهود من أعدائهم الأزليين.
وقد أنشأ العماليق في يثرب مجتمعًا زراعيًا ناجحًا يحقق الاكتفاء الذاتي وانهمكوا في زراعة أراضيهم الخصبة وتربية ماشيتهم وعاشوا حياتهم مستمتعين بوفرة محاصيلهم أول الأمر وعندما نمت التجارة أسهموا فيها، ووصلت قوافلهم إلى غزة ولكن تجارتهم بقيت محدودة لا تعادل تجارة أهل مكة وآثروا عليها الزراعة بسبب خصب أراضيهم وكثرة مياههم. وقد درّت عليهم أعمالهم الناجحة أموالاً طائلة.
وقد عمَّر العماليق في يثرب ثم وفدت عليهم قبائل أخرى ساكنتهم فالوفرة التي وصل إليها العماليق جعلتهم يقبلون مساكنة الوافدين إليهم ليستفيدوا من العمالة الطارئة فيخفف عنهم القادمون أعباء العمل في الأرض ويجد أصحاب الأرض فرصة للتمتع بثرواتهم وما لبث الوافدون أن استثمروا بعض الأراضي التي لم يستثمرها العماليق في المنطقة، وتحولوا إلى ملاّك وأثروا وجاروا العماليق في حياتهم.