

تُعَدّ مدينة بورصة إحدى أجمل الوجهات السياحية في تركيا، وملتقى فريدًا يجمع بين الطبيعة الخلابة والتاريخ العريق والمرافق العصرية الحديثة، ما يجعلها وجهة مفضّلة للمسافرين على مدار العام.
تملك مدينة بورصة التركية عجائب الشتاء الخاصة بها. فعلى بعد 36 كيلومترًا من مركز مدينة بورصة، يقع جبل أولوداغ – وهي كلمة تركية تعني "الجبل العظيم" – الذي يوفر للناظرين إطلالات على مناظر طبيعية أخّاذة، واحتمالية لتساقط الثلوج، ومنحدرات التزلج المبهجة، ومناظر غروب الشمس الرائعة التي يمكن للسواح الاستمتاع بها من أي من المقاهي والمطاعم المتناثرة في أنحاء الجبل، وتُعرف منذ قرون بلقب "بورصة الخضراء" بفضل ما تضمه من مساحات شاسعة من الحدائق والغابات والينابيع الطبيعية.
طبيعة آسرة وجبال شاهقة
يُعد جبل أولوداغ أبرز معالم بورصة وأكثرها استقطابًا للزوّار، ولا سيما في فصل الشتاء حيث يتحوّل إلى مركز رئيس لرياضة التزلج. ويمنح التلفريك، الذي يمتدّ لنحو ثمانية كيلومترات، تجربة استثنائية للزوّار، إذ يكشف من ارتفاعاته المتدرجة مشهدًا بانوراميًا ساحرًا للمدينة وللمسطحات الخضراء التي تحيط بها.
ويضم جبل أولوداغ أيضًا عددًا من المتنزهات الوطنية التي تضم مجموعة من النباتات والحيوانات المحلية – مثل شجرة "تارهي أولو سنار"، وهي شجرة استثنائية معمرة، يعود تاريخها إلى أكثر من ستمائة عام، ويبلغ طولها حتى أربعين مترًا، ويبلغ محيط ساقها عشرة أمتار.
تاريخ حيّ لا يزال ينطق بالجمال
تحتفظ بورصة بثراء معماري وتاريخي يعكس مكانتها كأول عاصمة للدولة العثمانية. ومن بين أهم معالمها:
الجامع الكبير (أولو جامع) الذي يُعد تحفة معمارية بخطوطه وزخارفه العثمانية.
الجامع الأخضر ومجمع السلطان محمد جلبي بقبته الشهيرة ذات الزخارف الفيروزية.
قبر عثمان غازي وأورخان غازي، مؤسّسي الدولة العثمانية، وهما من أهم محطات الزيارة لمحبي التاريخ.
أسواق نابضة ومذاقات فريدة
لا يكتمل أي برنامج سياحي في بورصة دون زيارة سوق الحرير (كوزا خان)، الذي يعود تاريخه إلى القرن الخامس عشر، ويُعد مركزًا مهمًا لصناعة المنسوجات والمنتجات اليدوية.
كما تشتهر المدينة بمأكولاتها المحلية، وعلى رأسها كباب إسكندر، الذي انطلق من بورصة ليصبح أحد أشهر أطباق المطبخ التركي.
حدائق وينابيع للاستجمام والعلاج
تزخر بورصة بحدائق واسعة تُعد متنفسًا مثاليًا للعائلات، مثل حديقة الثقافة (كولتور بارك) وحديقة الحيوان. كما تشتهر المدينة بينابيعها الكبريتية، خاصة في منطقة "جولباشي"، والتي يُعتقد أن لها فوائد صحية وعلاجية متعددة.
وجهة سياحية متكاملة طوال العام
تمتلك بورصة بنية تحتية سياحية متطورة تشمل فنادق بمختلف الفئات، وشبكة نقل حديثة تربطها مباشرة بإسطنبول عبر الجسر البحري والعبّارات، ما يجعل الوصول إليها سهلاً وممتعًا.
وتمنح المدينة زوّارها خيارات غنية على مدار العام، من الأجواء المعتدلة صيفًا إلى الأنشطة الشتوية المتنوعة، لتظل بحق مدينة تجمع الفصول الأربعة في مكان واحد.
تم تصنيف بورصة ضمن مواقع التراث العالمية لليونسكو في العام 2014، لكونها مكان نشأة الإمبراطورية العثمانية. ولذلك تم بناء بورصة المعاصرة حول المساجد وغيرها من المواقع التي تجسد العاصمة الأولى للعثمانيين.
تُعرف بورصة بأطباقها المميزة، وخاصة بورصة إسكندر: وهو طبق مكوّن من قطع الخبز البلدي التركي، يعلوه الكباب المقطع إلى شرائح والمحضّر من لحم الضأن. ثم يُضاف القليل من صلصة الطماطم الحارة، ويُزيّن بالزبدة المذابة الساخنة.
وما زال أحفاد إسكندر أفندي، مخترع هذا الطبق، يديرون المطعم التاريخي في المدينة لضمان عدم حرمان الزوّار من تجربة طبق إسكندر الأصلي.