

تشهد المملكة العربية السعودية طفرة غير مسبوقة في تطوير منظومة الطيران والمطارات، ضمن مسار تسارعت وتيرته خلال الأعوام الأخيرة ليصل اليوم إلى مرحلة جديدة من التوسع الشامل، وتعزيز موقع المملكة كمركز عالمي للنقل الجوي. وتُظهر المؤشرات الرسمية أن قطاع الطيران بات واحدًا من أسرع القطاعات نموًا في المملكة، مدفوعًا بالاستثمارات الضخمة، وتطوير البنية التحتية، وتوسيع الربط الجوي مع أنحاء العالم.
وخلال عام 2024، حققت المطارات السعودية رقمًا قياسيًا تاريخيًا باستقبال 128 مليون مسافر، وهو أعلى معدل في تاريخ القطاع، وبنسبة نمو سنوي بلغت 15% مقارنة بالعام السابق. ويعكس هذا الارتفاع المتواصل الإقبال المتزايد على المملكة كوجهة سفر رئيسية، سواء لأغراض الأعمال أو السياحة، إضافة إلى الزيادة المستمرة في حركة السفر الداخلي بين المدن السعودية. كما شهدت حركة الرحلات الجوية ارتفاعًا بنسبة 10%، مما يعزز القدرة التشغيلية لشركات الطيران الوطنية والدولية العاملة في السوق.
وفي جانب الشحن الجوي، سجّلت المملكة قفزة لافتة بنسبة 34%، ليصل حجم الشحن إلى 1.2 مليون طن خلال العام ذاته، وهو ما يعكس صعود المملكة كمحور لوجستي إقليمي، خاصة مع توسع الأعمال في قطاعات التجارة الإلكترونية، والصناعة، وسلاسل الإمداد. وتعد هذه الأرقام مؤشرًا حيويًا على جاهزية السعودية للانتقال إلى مرحلة جديدة من تعزيز دورها في قطاع الخدمات اللوجستية عالميًا.
وتخطط المملكة لاستثمار أكثر من 370 مليار ريال، بما يوازي 100 مليار دولار في قطاع الطيران خلال السنوات المقبلة، في إطار برنامج طموح يهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الإقليمي للطيران. وتشمل هذه الاستثمارات تطوير وتوسعة المطارات الحالية، وإنشاء مرافق جديدة، وتعزيز قدرات شركات الطيران الوطنية، بجانب تحديث الأنظمة التقنية والتشغيلية. وبحسب المعطيات الرسمية، سيتم تخصيص أكثر من 50 مليار دولار لتطوير المطارات وحدها، بما يضمن دعم خطط التوسع المستقبلية ورفع الطاقة الاستيعابية للركاب والشحن.
وتركّز المملكة على تعزيز شبكتها الجوية لربطها بأكثر من 250 وجهة عالمية، ضمن هدف استراتيجي يتمثل في جعل السعودية مركز الطيران الأكبر في الشرق الأوسط، وممرًا يربط بين القارات الثلاث. وتستهدف المملكة الوصول إلى 330 مليون مسافر سنويًا بحلول عام 2030، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف معدلات السفر الحالية. كما تطمح للتعامل مع 4.5 ملايين طن من الشحن الجوي سنويًا، مما يجعلها أحد أهم مراكز النقل الجوي والخدمات اللوجستية عالميًا.