مع اقتراب واشتداد القتال في أوكرانيا من جانب الروس، تتزايد المخاوف من تعرّض أقدم مجموعة آثار فرعونية في دول الاتحاد السوفيتي السابق والموجودة في متحف أوديسا بأوكرانيا للقصف الروسي العنيف.
ويُتوقع أن تكون مدينة أوديسا وهي إحدى كبريات المدن الأوكرانية ساحة للمعارك خلال الأيام المقبلة، وهي ثالث أكبر مدن أوكرانيا بعد كييف وخاركيف، وتبعد عن العاصمة بنحو 450 كيلومترًا إلى الجنوب، وهي مركز سياحي واقتصادي في البلاد، كما أن ميناءها الرئيس على البحر الأسود.
وعن متحف أوديسا ومجموعة الآثار المصرية التي يضمّها، قال أستاذ الآثار في جامعة القاهرة أحمد بدران: إن تاريخ متحف أوديسا الواقع جنوب أوكرانيا يرجع إلى عام 1825 عندما كانت تلك البلاد لا تزال جزءًا من الإمبراطورية الروسية، حيث يعدّ أحد أقدم المتاحف الأوكرانية على الإطلاق.
ويضم المتحف حاليًا نحو 170 ألف قطعة أثرية يعكس جزء منها حضارات لدول مختلفة من بينها اليونان وروما وقبرص، وكذلك يشمل المتحف مجموعة آثار مصرية نادرة تقدرها الدراسات بنحو 400 إلى 800 قطعة أثرية ترجع إلى مصر القديمة، وتغطي فترة طويلة جدًّا من التاريخ المصري، بدءًا من عصر ما قبل الأسرات وحتى العصر البطلمي".
وأضاف "بدران" أن "مجموعة الآثار المصرية تشتمل على قطع أثرية متنوعة تمثل مختلف جوانب الحضارة المصرية القديمة في التاريخ والدين والطقوس الجنائزية والحياة اليومية والحرف اليدوية وغيرها، وتضم توابيت حجرية وخشبية مزخرفة ومومياوات بشرية وحيوانات، وبرديات وأواني وبعض الأثاث الجنائزي وتماثيل برونزية لإيزيس وأوزوريس، مع بعض الآثار المنقولة من مقابر الدير البحري في الأقصر، إضافة إلى طاولات وأوانٍ كانوبية ومجوهرات، بخلاف بعض الملابس والصنادل والمنسوجات والقطع الخشبية.
وتشكل هذه المجموعة أقدم مجموعة للآثار المصرية في البلدان التي كانت تشكل الاتحاد السوفيتي السابق، كما أنها مجموعة الآثار المصرية الوحيدة في أوكرانيا كلها، وثالث أكبر مجموعة آثار مصرية في دول الاتحاد السوفيتي السابق" وفقًا لـ"الإندبندنت" البريطانية.
وأشار أستاذ الآثار إلى أن "الطبيب الفرنسي أنطوان بارتليمي كلوت باي (1793-1868) كان من أبرز مَن تبرعوا بآثار مصرية إلى متحف أوديسا؛ إذ عمل منظمًا ومديرًا للخدمات الطبية في مصر خلال عهد محمد علي.
وجدير بالذكر أنه خلال تلك الحقبة، كان بيع وشراء الآثار شيئًا متعارفًا عليه، ولم تكن هناك قوانين في هذا الوقت تجرّم بيع الآثار والاتجار فيها.
وازدادت مجموعة الآثار المصرية في متحف أوديسا مع مرور الوقت بنجاحه في ضمّ قطع أثرية إضافية إما من طريق الاستحواذ والشراء وإما من طريق التبرع، وتمت آخر إضافة مهمة إلى مجموعة الآثار المصرية في متحف أوديسا، في عام 1959، عندما تم نقل كل الآثار المصرية من متاحف أوكرانيا المختلفة وجمعها كلها في متحف أوديسا، ليصبح المتحف الوحيد في البلاد الذي يحتوي على آثار تعود إلى الحضارة المصرية".
ويوضح "بدران" أنه لا بد أن يكون للمؤسسات الدولية والمنظمات العالمية المهتمة بالتاريخ والتراث موقف في مثل هذا الأمر، فمنظمات مثل اليونسكو ومنظمة المتاحف العالمية ومنظمة الإيكروم وغيرها لا بد أن تقوم بتحرك سريع لحماية التراث والآثار في كامل أوكرانيا وليس فقط في هذا المتحف.
والمشكلة ليست فقط في القلق من تدمير المتحف أو حدوث خسائر مباشرة، ولكن أجواء الحرب ينتج عنها حالة من الفوضى تعم البلاد يمكن أن تتسبب في نهب هذه الآثار وسرقتها واختفائها بعد ذلك، وينطبق هذا على الآثار المصرية وغيرها في متاحف أوكرانيا عمومًا.