ترتبط منطقة حائل قديماً بعادات وتقاليد رمضانية تتضمن استقبال الشهر الكريم بتهيئة المساجد والمنازل وإعداد الطعام والشراب، لأنَّ رمضان يدخل الفرحة في قلوب هؤلاء المواطنين، حيث كان الشباب يعمل على تجهيز المساجد وإعداد مكان مصلى للسيدات ووضع سراج النور؛ وذلك لأداء صلاة الفريضة والتراويح وكذلك صلاة القيام بالعشر الأواخر، كما يحرص الشباب على الاستماع إلى حلقات الذكر القرآن والخطب الدينية.
أما النساء فهن يستقبلن الشهر بالتجهيز لموائد الإفطار والسحور بإعداد الأكلات المعروفة والتي لا توجد إلا في كل بيت بحائل، فكانت أشهر الأطباق التي تجدها على موائدهم "الهريس" و"المعـذب" و"الجريش" الذي هو عبارة عن الحنطة المفتتة، ويعمل الجريش بواسطة آلة تسمى" الـْمـِـيـخـَـفْ " مصنوعة من جذع الأثل يلازمه عمود يستخدمه الهبـّاش بتفتيت حب الحنطة ليكون جريشاً بجانب طعام آخر يسمى "يتيمة رمضان".
ومع تغير ملامح الزمن ما زال أهل حائل يتمسكون ببعض العادات والتقاليد التي تمنحهم الفرحة ويستشعرون حلاوتها، فتتنوع السفرة الرمضانية بأصناف عديدة وعلى رأسها الأطباق الشعبية المعروفة الكبيبة الشبيهة بورق العنب، وكذلك الرغفان والحنيني والتمن والتشريبة، بالإضافة إلى الحلويات "السمبوسة واللقيمات والمعجنات" كما تجد التمر والقهوة كأول شيء على موائدهم .
والمعروف عن تلك المدينة أنَّ أهلها أهل كرم وجود لأنه المعروف عنهم، فـ"الطعمة" وهي عادة يحرص عليها الأهالي في ضواحي المدينة، وتعرف الطعمة بأنها اقتطاع جزء من الأكل وإرساله للجيران قبل أذان المغرب، وذلك لأنهم يعتبرون أنه من العار أن يشم الجار رائحة الطعام دون أن يتذوقه، فلم تخل أي سفرة من طعام الجيران.
وبعد تناول وجبة الإفطار يذهب الجميع إلى أداء صلاة التراويح، وبعد الفراغ من الصلاة يتسامرون مع بعضهم البعض يتبادلون خلالها الحديث عن ذكريات الطفولة وطرائف البدايات في التعود على الصيام وتبادل وصفات طعام جديدة .
حائل تستقبل ليلة القدر
في ليلة القدر تجد قلوب أهل حائل تجهش بكاءً على وداع هذا الشهر الكريم، متسائلين فيما بينهم بكل حزن: هل نعود على رمضان الذي ودعنا هذا العام وتسمع كبار السن يرددون "يالله تعيدنا عليه وإلاّ هو يعـود "فالجميع يشعر بالندم على فراق رمضان، ويتذكرون لياليه الطيبة التي كانت تجمعهم على المودة والمحبة، يتسامحون ويتسامرون ويتحاكون فيما بينه.
استقبال عيد الفطر بـ"حائل"
للعيد مذاق خاص بين آباء وأمهات وأبناء حائل، حيث عن قدوم عيد الفطر يلتفت الأهالي جميعاً ليشكلوا أسرة واحدة يغتنمون من خلالها هذه المناسبة ليقوموا بإعداد طعام العيد الذي تعده الأمهات في فجر أول أيام العيد لكي يتناولوه معاً، وهو طعام الرز واللحم والكبسة، والتي تعد من الوجبات الرئيسة التي تقدم أيام العيد، وفي أيام العيد يتم تقديم الحلويات بأنواعها، فهي تقدم مع وجبة العيد، وأحياناً يتم توزيعها على الجيران والأقارب والأطفال، تلك هي عادة موروثة اكتسبها الأبناء من الآباء والأجداد، وهو ما يدعو إليه ديننا الحنيف من تعاليم حثت على الاجتماع ونبذ الفرقة بين الجار وجاره، فتكون هذه المناسبة فرصة للاجتماع الذي يندر نظيره خلال هذه الأيام.
ولا يقف اجتماع الأهالي وتبادل التهاني والتبريكات بحلول العيد عند هذه المرحلة بل يقوم المواطنون بزيارات أخرى إلى منازل الأهل والأقارب والأصدقاء والجيران، وذلك طيلة الثلاثة أيام الأولى من عيد الفطر .
إن الأجيال الحالية ما زالت متمسكة بعادات وتقاليد قديمة ترجع إلى الآباء والأجداد، ولم يكن هناك إلا اختلافات بسيط تغير مع اختلاف الأزمنة، وهذه العادات تؤجج مشاعر الكثيرين بالفرحة من أبناء حائل، اعتقاداً أنَّ بدونها لم يكن هناك رمضان على الإطلاق.