تضع أكثر الأسر العربية أصنافًا بعينها على مائدة رمضان، ومن أشهرها ''السمبوسك''، التي تعد في السعودية "سيدة مائدة الإفطار".
وقد صارت تلك الأكلة طبقًا أساسيًا ورئيسًا على الموائد العربية في شهر رمضان وتكاد تكون علامة مميزة في الشهر الفضيل.
و"السمبوسك" هي عجينة مثلثة الشكل تُحشى بالجبن أو اللحم أو الخضراوات وعادة تكون إما مقلية أو بالفرن.
وقد عُثر على بعض الإشارات المبكرة لما نعرفه اليوم باسم السمبوسك في الكتابات الفارسية يعود تاريخها إلى 1100 عام مضى.
إذ أكدت أغلب الروايات أن السمبوسك نشأت في الهند، كما ظهرت في الأدب من قِبل المؤرخ الفارسي أبو الفضل بيهقي في القرن الحادي عشر.
والأصل التاريخي الموثق يثبت أن "السمبوسك" أكلة هندية وذكرت في كتاب رحلات ابن بطوطة، وهو رحالة مغربي كتب أنه " أثناء زيارته للحاكم محمد بن تغلق شاه في الهند بالقرن الرابع عشر قدموا له طعامًا غريبًا يعرف باسم "ساموسا" ثم انتقل إلى الجزيرة العربية عن طريق التجار والرحلات البحرية ومنه إلى أوروبا وإفريقيا".
وظهرت السمبوسك في العصر الملكي في الهند عام 1000 ميلادي، عندما تحدث شاعر وعالم سلطنة دلهي أمير خسرو عن السمبوسك المحضرة من اللحوم والسمن والبصل التي كان النبلاء يستمتعون بها في ذلك الوقت.
واشتهرت الهند بالمقليات المغمورة بالزيت، ولذلك اعتبرت منشأها الأصلي، فقد كانت تقدم للضيوف من الطبقة المخملية في الهند باعتبارها من الأصناف الخاصة بطبقة معينة ثم انتقلت إلى اليمن إبان الاستعمار البريطاني للهند واليمن ثم إلى الخليج عن طريق الزائرين للحرمين الشريفين والتجار.
وعلى الرغم من تعدد المصادر التي تشير إلى الموطن الأصلي لهذا الطبق بوصفه هنديًا يرى المؤرخ السعودي الدكتور سمير برقة، خلاف ذلك حيث قال: "هذا غير صحيح فهي تعود إلى الحجاز في أصولها التي بدأت القرن الثاني الهجري أي ما يوازي القرن الـ 800 هجري"، وفقًا لـ "إندبندنت".
واعتمد في هذا على دراسة للباحث حاتم العوني، ترى أن الحجاز عرف منذ القرن الهجري الثاني القرن الثامن الميلادي أكلة تدعى "السمبوسك" بالكاف وليست بالهاء كما يلفظها الناس، وأنها عبارة عن عجين يرقق ويحشى باللحم ويطوى عليه العجين ثم يقلى.
واستطرد بالقول "نقلاً عن محمد بن يزيد المبرد في الكامل من اللغة والأدب فإن أهل الحجاز يعرفون السمبوسك منذ القرن الهجري الثاني"، مضيفًا "وجاء أيضًا في أخبار المعتصم العباسي ما نصه (وكان في بكرة كل يوم إذا وقف يتعمم يلقمه خادمه السمبوسك، فعدوا عليه إلى أن فرغ من التعميم مائة وخمسين حبة سمبوسك)"، وبتجاهل العدد ودقته يظهر ورود ذكرها في فترة عربية متقدمة جدًا.
وأشار المؤرخ التاريخي إلى أصل ونشأة السمبوسك، كما ورد في كتاب "الرتبة الظريفة في طلب الحسبة الشريفة" لمؤلفه جلال الدين العدوي الشيزري الشافعي الذي أشار فيه إلى أن السمبوسك منها "ما يحشى باللحم ومنها ما يحشى بالسمك المشوي والتوابل".
وأكد أنها "طبق أصيل في منطقة الحجاز ومن الأكلات الشعبية، وإن ظن البعض بتوافدها إلى المنطقة باعتبارها ملتقى الحضارات لتوافد الأمم من جميع الأنحاء".
وفي المملكة تعد السمبوسك هي زينة سفرة الإفطار وسيدة المائدة ولا يمكن التخلي عنها في شهر رمضان حتى فتحت متاجر اشتهرت بصناعتها وأفردت لها مصانع لصناعتها لتكون جاهزة.