ادعاء عنصرية يقود "أردوغان" إلى المتاجرة بالقضية.. ما الذي حدث في مباراة باشاك شهير وباريس؟

لم يفوّت فرصة ركوب الموجة فتلقى عبارات الاستهجان
ادعاء عنصرية يقود "أردوغان" إلى المتاجرة بالقضية.. ما الذي حدث في مباراة باشاك شهير وباريس؟

أثارت واقعة تعرض أحد أفراد الجهاز الفني لفريق نادي إسطنبول باشاك شهير التركي، للعنصرية، أثناء مباراتهم مع باريس سان جيرمان الفرنسي، في إطار دوري المجموعات من دوري أبطال أوروبا؛ الكثير من اللغط؛ إلا أنها لم تمر مرور الكرام على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي سارع إلى تصدر المشهد والاستئثار باللقطة، والتغريد عن الواقعة رغم عدم مرور سوى القليل على حدوثها، وقبل حتى الاستقرار على قرار نهائي للمباراة.

الواقعة التي حدثت في ملعب حديقة الأمراء (معقل الفريق الفرنسي)، كان بطلها الحكَم الرابع للمباراة، وأدت إلى توقف المباراة لأكثر من ساعتين، قبل أن يتخذ الاتحاد الأوروبي قرارًا باستكمالها يوم الأربعاء، وفتح تحقيق شامل حول الحادث.

ما الذي حدث؟

كانت ساعة الملعب تشير إلى الدقيقة الـ15 من زمن الشوط الأول، عندما توقفت المباراة، بعد ثورة الجهاز الفني ودكة بدلاء الفريق التركي، عقب مزاعم باستخدام الحكم الرابع الروماني سيباستيان كولتيسكو لفظًا عنصريًّا ضد المدرب المساعد للفريق التركي بيير ويبو -كاميروني الجنسية- قبل طرده.

وأظهر مقطع فيديو غضب المدرب المساعد "ويبو" وهو يصرخ تجاه الحكم، ويكرر ست مرات على الأقل "لماذا تقول الزنجي؟"؛ فيما طلَب اللاعب السنغالي ديمبا با من الحكم الرابع تفسيرًا لاستخدامه المصطلح العنصري، قائلًا: "لماذا عندما تذكر رجلًا أسود، عليك أن تقول (هذا الرجل الأسود)؟".

وسرعان ما قرر الاتحاد الأوروبي تعليق المباراة مؤقتًا بعد أن ترك لاعبو الفريقين أرضية الملعب نحو غرف خلع الملابس، وأعقب ذلك إصدار بيان أشار فيه إلى استئناف المباراة بعد استبدال الحكم الرابع بحكم الفيديو؛ متوعدًا بالتحقيق في الواقعة بشكل شامل.

ولكن مع إصرار لاعبي الفريق التركي على عدم استكمال المباراة إلا في حالة عدم وجود الحكم بطل الواقعة المثيرة للجدل؛ لم يكن أمام الاتحاد الأوروبي أي خيار إلا استئناف المباراة يوم الأربعاء.

متاجرة بالواقعة؟

إلى هنا فالواقعة ليست جديدة على عالم كرة القدم والرياضة، فما زالت العنصرية تنخر في جسد المجتمعات الأوروبية، وما زالت الحكومات والمنظمات والهيئات المعنية تحاربها بكل ما أوتيت من قوة عبر الكثير من الطرق والوسائل؛ لاجتثاثها من الملاعب الرياضية؛ لكن كعادته في توظيف الأحداث لمصلحته.. سرعان ما غرد "أردوغان" حول الواقعة؛ في محاولة للمتاجرة بها بطريقته المعهودة، وطلبًا لعبارات الثناء من المريدين فيما يبدو، فكتب على حسابه باللغة التركية: "أدين بشدة العبارات العنصرية التي تعرّض لها الإداري في ممثلنا فريق باشاك شهير". مضيفًا: "أؤمن أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم سيتخذ الخطوات اللازمة".

وتابع قائلًا: "تركيا تقف في مواجهة العنصرية والتمييز بالرياضة وكافة مجالات الحياة دون قيد أو شرط".

إلا أن تغريدة أردوغان قابَلَها استهجان المغردين بسبب محاولة توظيف رأس الدولة للواقعة خارج إطارها المعهود والمقبول، فقال أحد المغردين تعليقًا على احتفاء الإعلام التركي بتغريدة الرئيس: "حادث مؤسف لا شك في ذلك.. ولكنه حادث صغير ويحدث يوميًّا.. يعني لا يستحق أن يصرّح رئيس دولة بعد ثوان من حدوثه، وكأنه ليس لديه ما يقوم به".

بينما هاجم مغرد آخر "أردوغان" بعبارات ثقيلة، قائلًا: "يا حبه للتصريحات، صرح حتى قبل لاعبي الفريق. فعلًا ظاهرة صوتية".

وقد يكون من الصدفة أن مَن تعرض للحادثة العنصرية، هو فريق يُتهم في تركيا بكونه "فريق أردوغان"؛ نظرًا لاستحواذ شركات تتمتع بعلاقات قريبة من السلطة عليه؛ فضلًا عن عدم تردد "أردوغان" في ارتداء قميصه أثناء افتتاح ملعبه الجديد في عام 2014، إلا أنه ليس من الصدفة محاولات الرئيس التركي الدائمة لتوظيف الحوادث الرياضية أو الاجتماعية أو غيرها، والمتاجرة بها بالطريقة التي تجعله يتصدر عناوين الصحف ووسائل الإعلام.

فقبل نحو عامين تَسبب الرئيس التركي في أزمة للاعبي منتخب ألمانيا لكرة القدم مسعود أوزيل وإلكاي غندوغان، عندما التقاهما في لندن والتقط معهما الصور التي تصدرت الصفحات الرئيسية للصحف التركية والألمانية، ولاقت حينها استهجان المسؤولين الألمان الذين اعتبروها استغلالًا من الرئيس التركي لتحسين صورته السياسية.

وتسببت الواقعة في حرج بالغ للاعبين؛ إذ فضّل "أوزيل" وضع حد لمسيرته مع المنتخب الألماني وإعلان اعتزاله بعد هجوم الصحافة الألمانية عليه؛ بينما أوضح "غندوغان" موقفه قائلًا إنه لم يكن يقصد أي إشارة سياسية أو ترويج انتخابي.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org