أكد الشيخ منصور السلمان، العالم ورجل الدين الشيعي أن المملكة العربية السعودية أصبحت هدفاً لكثير من الدول التي تفتح أبواب الخلاف مع المملكة لتستغل المنافذ التي تعبر منها، وبما فيها الدول الكبرى، وذلك تحت ذريعة "الدفاع عن حقوق الإنسان".
وأضاف "السلمان"، خلال حوار أجرته "سبق" معه، أنه في المملكة من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها؛ لم نلمس وجود فوارق بين الشيعة والسنة، فالحادث الإرهابي الذي حدث في القديح على المصلين وجد أبناء الشيعة تواجد أبناء
السنة في مراسم العزاء من قضاة المحاكم وكتاب العدل، وغيرهم من أرباب العلم والمثقفين وسائر الناس، مؤكداً أن الشيعة منذ عهد مؤسس هذا الوطن الغالي يتمتعون بكامل حقوقهم، وما يتردد في وسائل الإعلام الخارجية كذب وشائعات؛ بهدف ضرب اللحمة الوطنية بين أفراد الشعب السعودي.
وفيما يلي نص الحوار:
- محافظة القطيف تشهد تطوراً كبيراً سواء على المستوى الخدمي والمستوى المحلي والاقتصادي، أنت أحد أبناء هذه المحافظة، كيف ترى ذلك؟
حينما يهتم قادة البلاد برؤية الإنجاز العملي على أرض الواقع، ويتابعون على الصعيد المحلي، يجد المسؤول الموكول له تلك المهمة ما يقتضي تحقيقها بأبدع صورها. وفي القطيف، وبمتابعة دقيقة من محافظها خالد الصفيان لكل الدوائر الرسمية، ولكونه من المؤهلين للمتابعة بمعرفة وخبرة في طرحه للنقاش مع الدوائر الخدمية عن قرب، يعتبر من الدواعي المهمة التي تثلج الصدر عند المواطن في تحقيق رقيه، حتى يحقق الرقي الاقتصادي كما في تطوير الأسواق التي تعتبر من الأسواق العالمية التي يشار لها، وعلى سبيل المثال سوق السمك الذي ينتظر أبناء القطيف تدشينه بعد ترتيبه بحلة قشيبة تبهر الرواد لهذه السوق، وعلى الخصوص أبناء الخليج الذين يتواصلون يوميًا مع السوق القديم؛ مما يجعل هذا السوق من ضمن الأسواق العالمية، ويبقى مفخرة التطوير لأبناء القطيف الذين ظفروا بمثل ذلك السوق التجاري الكبير، فالمهندسون في دوائر البلدية من أبناء القطيف الوطنيين المخلصين لتحقيق التطوير كان لهم الدور الرائد بتواصلهم المستمر مع رئيس البلدية المهندس زياد المغربل، ونائبه المهندس ناصر الكعبور، في السير الحثيث للإنجاز.
كما يأتي الدور الرائد في تطوير الشوارع الكبيرة التي كانت في يوم ما لا تواكب الحضارة لضيقها، هذا التطور السريع المتواصل الذي يربط القطيف بقراها، وبالشوارع الرئيسية الكبيرة في سرعة الوصول إليها للارتباط المهم والسريع بالشركات الكبرى، كأرامكو بسرعة الوصول إليها في تحقيق أهداف المواطن.
- بلدة العوامية بمحافظة القطيف، وتحديدًا حي المسورة كانت منبعًا ووكرًا للإرهاب، وأصبحت اليوم من أهم المشاريع التنموية في السعودية بشكل عام، كيف كنتم تنظرون لهذه البلدة قبل وبعد؟
لم تكن بلدة العوامية منذ القدم وكراً للمخربين العابثين، بل كانت بلدة آمنة يؤتى لها من جميع مناطق المملكة كمنطقة من المناطق العريقة ذات الأصالة، والمسورة كانت تحمل في طياتها أماكن أثرية وبيوتات متصلة تعني التلاحم بين أهلها مع صغر وضيق طرقها، إلا أنها حينما دخلت فئات لا تريد الأمن لأبنائها تحمل في طياتها الوسائل غير السلمية تمنع رجال الأمن من قدرة الوصول إليها، لنزع فتيلها وضررها على المواطن، مع حنكة المسؤولين في دعوة هؤلاء إلى السلم حتى اضطر أبناء العوامية الشرفاء للكتابة للمسؤولين بسرعة التدخل، وإيقاف حملة السلاح، وكفهم عن التعدي على المواطن، حيث سقط على أرضها عدد من أبناء الوطن، وجمعت البيانية أكثر من ٢٢٠ رجلاً وامرأة حتى صدر القرار السريع في تطوير المسورة وحفظ الآثار القديمة وخدمة أبناء العوامية، بما يستحدث فيها من جمعية خيرية أو ملاعب رياضية، أو دكاكين وأسواق، وربما حدائق غناء تجلس فيها العوائل.
وهذا الإنجاز الذي تحقق في المسورة جمع أكثر من 100 شخصية من أبناء العوامية، بينهم رجل الدين والمهندس والطبيب عند أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود في الإثنينية، والتي قدموا له الشكر الجزيل على حضوره لبلدتهم وافتتاح المسورة، وافيًا لهم بما وعد من سرعة الإنجاز، وما قام به أبناء العوامية يحكي الواقع الذي يعشعش في قلوبهم، فأهل مكة أدرى بشعابها.
- دائمًا ما يتردد في وسائل إعلام خارجية أن الشيعة في السعودية تنقصهم بعض الحقوق، أنت كعالم دين شيعي كيف ترد؟
أنا أقول: (كل ذي نعمة محسود)، المملكة العربية السعودية اليوم أصبحت هدفًا لكثير من الدول التي تفتح أبواب الخلاف مع المملكة لتستغل المنافذ التي تعبر منها، وبما فيها الدول الكبرى بعنوان "الدفاع عن حقوق الإنسان"، وحيث إن الشيعة هم أقلية مقابل عدد السكان، فالحديث عنهم وجد طريقًا لهؤلاء ومدخلاً سهلاً للعبور من خلاله، ولاشك أن هذه الكلمات تجد صداها في تلك الدول الخارجية مع أن هذه الشماعة التي يستخدمونها فشلت في كثير من الموارد وافتضح أصحابها، إذ غفل هؤلاء عن نقطة مهمة لدى قيادة هذه الدولة، وهي سياسة الأبواب المفتوحة في تلقي الشكاوي من المواطن بلا فرق في مذهبيته لعلاج المشكلة التي مر بها.
وحقوق الشيعة منذ أيام المؤسس الملك عبدالعزيز، وإلى يومنا هذا كاملة بوجود علماء الشيعة، وهم من يخاطبون فيها قادة البلاد أو أمراء المناطق التي يعيشون فيها لعلاجها، وكثيرًا ما مرت بنا قضايا كان لولاة الأمور سرعة علاجها وإنهائها، وربما تطول الجلسات في بعض الأحيان، فتكون النهاية في إصلاحها وعلاجها، مع أن الأبواق الخارجية لم تجد من المواطن الشيعي المخلص الاستجابة لها، بل كان يسلك الطريق الأنجع؛ لعلمه بأن الطنطنة الخارجية كلها سلبية، ولا إيجابية فيها تعود للمواطن بخير، حيث يهدف أصحاب الطنطنة إلى مصالحهم الشخصية ولا يهمهم المواطن.
وفي العام الماضي سألني بعض العراقيين في لندن عن المضايقات التي نعانيها من الحكومة في إحياء شعائركم في عاشوراء، فقلت له: لو تحدثت لك عما نقوم به في محرم من إحياء للشعائر والحرية التي نعيشها لن تصدقني، ولكن افتح اليوتيوب وسترى شارعًا في القطيف يخترقها يسير فيه أكثر من عشرة آلاف من المعزين يوم العاشر من المحرم، وهذه رسالة واضحة للرد على كل من يشكك في إعطاء الحرية لإحياء الشعائر، مع أن الدولة تسخر كل إمكانياتها في شهر محرم لإحياء الشيعة شعائرهم بسلام وطمأنينة.
كما يجتمع الشيعة في كل عام قبل الموسم وبعده مع المحافظ؛ لدراسة الآليات والطرق التي يتكاتف فيه المواطنون مع المحافظ ورجال الأمن في إبعاد السلبيات وتحقيق الإيجابيات، ثم دراسة ما يمكن تفاديه لإظهار كل موسم أفضل من السابق، وهذه رسالة واضحة لمن يريد أن يغرد خارج السرب ضد هذا الوطن الغالي.
كيف ترى التعايش بين السنة والشيعة في السعودية؟ وأنتم كعلماء شيعة كيف تردون على من يحاولون ضرب اللحمة الوطنية بين الشيعة والسنة في السعودية؟
في المملكة العربية السعودية من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها؛ لم نلمس وجود فوارق بين الشيعة والسنة؛ فالحادث الإرهابي الذي حدث في القديح على المصلين وجد أبناء الشيعة تواجد أبناء السنة في مراسم العزاء من قضاة المحاكم وكتاب العدل وغيرهم من أرباب العلم والمثقفين وسائر الناس يتوافدون زرافات وهم يستنكرون هذا الحدث الإجرامي ويستعيدون أيام الماضي في قوة اللحمة والترابط وما تجسيد هذا الترابط إلا دليل الوعي وتقوية اللحمة الوطنية، وأن هذه الحوادث غير قادرة على تمزيقنا وتفتيت وحدتنا .
وهاهم أبناء الشيعة في الشركات الكبرى الحكومية أو الأهلية يشكلون الإخلاص في التعامل مع أبناء السنة بل مشاركتهم في أفراحهم وأحزانهم والدعوات المتواصلة بين الطرفين بلا فرق، ومحاولة تمزيق هذه اللحمة بين الشيعة والسنة في هذا البلد لم تجد لها صداها منذ القدم، حيث كان من قوة العلاقة الحميمة نزع الخصومات عند القاضي الشيعي في زمن من الأزمان، كما في بداية دولة المؤسس المغفور له الملك عبدالعزيز يرحمه الله بمحضر علمين من كبار علماء الشيعة في القطيف الشيخ علي أبو الحسن الخنيزي والشيخ علي أبو عبدالكريم الخنيزي للثقة والمكانة التي يحملها هذان العلمان الكبيران المتبادلة بين الجميع وعدم إيجاد الفوارق بين أبناء المجتمع الواحد .
واليوم مع دخول أجندة تهتم بالتفريق في هذه اللحمة الوطنية ومحاولة نسبة الشيعة في المملكة إلى الخارج فهو عصي عليهم لقرب الشيعة من ولاة أمرهم واهتمام ولاة الأمر بهم، كما هو ديدنهم أطال الله في أعمارهم .
أنتم كرجال دين وعلماء هل لكم تواصل مع أهالي المطلوبين أمنيًا لإقناع أبنائهم للعودة لأحضان الوطن؟ وكيف ترى تجاوب وتعاون أسرهم؟
لم نتوقف عن المطالبة منذ أول الأيام عبر الكتابات في وسائل الإعلام كافة، والتي تصل للجميع وطلب حقن الدماء، وأن تسليم نفسه للجهات الأمنية سيخفف عليه الكثير من العقوبات المحتملة لو ألقي القبض عليه، وقد حصل من البعض ممن سلم نفسه وحصل على عقوبة أقل مما يتوقع لها، وقد أدخل كثير من الموقوفين في النصيحة، وتم عمل عدة احتفالات لهم في تكريمهم وإطلاق سراحهم ومساعدتهم في الزواج وفي الحالة المادية، وأبناء العوامية القريبون من مواقع الاتصال بالأهالي لم يتوقفوا في الحديث مع أهاليهم بل كان الوجهاء رواد البحث، فقد سلم بالتنسيق مع آبائهم ثلاثة في إمارة المنطقة وتحدث معهم أمير المنطقة شاكرًا لهم هذه العزيمة للرجوع إلى أحضان الوطن، وهناك من هؤلاء من تبرأت منهم أسرهم، حيث لم يجدوا معهم طرق الإقناع.
ما هو الدور الأساسي والواجب على علماء الشيعه أثناء إلقاء المحاضرات والمناسبات الدينية؟
أنا أقول (حب الوطن من الإيمان)، خطباء المنابر في خطبهم، وسيما الرموز منهم ممن يستمع إليهم ويشار لهم بالبنان لم يقصروا في تكرار الطلب بحفظ الأمن وعدم مخالفة القوانين التي تم وضعها في هذه الدولة، لأن الحرمة في المخالفة من المسلمات، وهذا ما تربى عليه الشيعة في هذا الوطن، ولن يؤثر عليهم كل من يحاول أن يرميهم بما لم يصدر منهم، ولهذا كل مواطن في هذا الوطن عليه الابتعاد عن المشاحنات عبر المنابر والخطب والكتابة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
كلمة أخيرة:
أدام الله على هذا الوطن أمنه وأمانه، فهذه نعمة عظيمة يفتقدها الكثير.
وشكراً لصحيفة "سبق" الرائدة في مجال الإعلام العربي، والتي لم أتردد في إجراء هذا الحوار معها.