وضعت السعودية في صلب أولويات رئاستها لمجموعة العشرين إيجاد حلول عملية للقضايا العالمية الملحّة التي باتت تؤثر في معدلات متزايدة على صحة الإنسان وسلامة كوكب الأرض، مثل تغير المناخ، وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن عمليات التصنيع واستخدامات الطاقة، وتدهور الأراضي والمواطن الطبيعية، وتضرر المحيطات، ونظم الطاقة البديلة، وقد ارتكزت رؤية المملكة للحفاظ على كوكب الأرض على إيجاد نظم طاقة أكثر نظافة واستدامة، والحد من تدهور الأراضي من خلال إعادة تشجير كوكب الأرض، وتحسين عملية إدارة المياه والحد من الفقد والهدر العالمي للغذاء.
وفي مسعى إيجاد نظم طاقة أكثر نظافة واستدامة، طرحت المملكة خيار "الاقتصاد الدائري للكربون" كنموذج حديث لاستخدام الطاقة بدلاً من الوقود الأحفوري، الذي تنجم عنه انبعاثات تضر بالمناخ والبيئة، وأعلنت عن ذلك الخيار، بالإضافة إلى "تخفيف التصحر وزيادة المسطحات الخضراء" كمبادرتين تبنتهما رئاستها لمجموعة العشرين للحفاظ كوكب الأرض، وجدّد الملك سلمان اليوم (الأحد) خلال الفعالية المصاحبة الثانية لقمة مجموعة العشرين حول الحفاظ على الأرض، طرحه لخيار الاقتصاد الدائري للكربون قائلاً: "شجعت رئاسة المملكة إطار الاقتصاد الدائري للكربون لإدارة الانبعاثات بنحو شامل ومتكامل؛ بهدف تخفيف حدة آثار التحديات المناخية، وجعل أنظمة الطاقة أنظف وأكثر استدامة، وتعزيز أمن واستقرار أسواق الطاقة والوصول إليها".
ولفت خادم الحرمين إلى أن "الدول سيتسنى لها تبني وتعزيز التقنيات، التي تتناسب مع المسارات التي تختارها لتحولات الطاقة، من خلال ركائز الاقتصاد الدائري للكربون، وستشكل هذه الركائز مجتمعة نهجاً شاملاً ومتكاملاً وواقعيّاً يتيح الاستفادة من جميع خيارات إدارة الانبعاثات في جميع القطاعات"، وعرض الملك سلمان خطط المملكة للتحول إلى الاقتصاد الكربوني، مبيناً أن المملكة ستطلق البرنامج الوطني للاقتصاد الدائري للكربون لترسيخ وتسريع الجهود الحالية لتحقيق الاستدامة بأسلوب شامل، كما عرض المبادرات التي نفذتها للتحول إليه، والتي شملت المنشأة الأضخم في العالم لتنقية ثاني أكسيد الكربون، التي أنشأتها شركة "سابك" بمقدار 500 ألف طن سنوياً، وخطة "أرامكو" للاستخراج المحسّن للنفط بمقدار 800 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويّاً، والعمل على تطوير أضخم منشأة للهيدروجين الأخضر في منطقة نيوم.
وتتمثّل فاعلية الاقتصاد الدائري للكربون في المحافظة على كوكب الأرض، في ارتكازه على أربعة عناصر؛ هي: تقليل انبعاثات الكربون، وإعادة استخدامها وتدويرها والتخلص منها؛ ما يعني أن محصلة مخرجاته من الانبعاثات تساوي صفر، وهو ما ينعكس بالفوائد الجمة على أنظمة كوكب الأرض المختلفة، ومنع التدهور الذي تتعرض له حاليّاً جراء استخدام الوقود الأحفوري، الذي ينتج انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون التي تضر بالبيئة، وترفع درجة حرارة الأرض فيما بات يعرف بـ"الاحتباس الحراري"، الذي يهدد استمراره ذوبان الجليد في القطبين، وارتفاع منسوب المياه في المحيطات والبحار، وإغراق المناطق الجغرافية المتشاطئة مع هذه المسطحات المائية؛ فالاقتصاد الكربوني سيؤدي إلى استعادة التوازن بين الإنسان والأرض، وهنا تكمن فاعليته، وتكمن أهمية دعوة المملكة دول العالم إلى تبنّيه كنموذج في استخدام الطاقة.