«واشنطن بوست» تكشف المستور: قطر اشترت «قلم» جمال خاشقجي
لم يطل الوقت بالعلاقة المفترضة بين دولة قطر وتوريطها لجمال خاشقجي بدعم أجندتها، حتى بدأت تتكشف خيوط تلك العلاقة، وتشرح أسباب استماتة إعلام الدوحة بتسييس حادثة اختفاءه ثم إعلان وفاته طيلة الـ50 يوماً الماضية.
هذه المرة كان المسرح صفحات «واشنطن بوست»، وهي ذات الصحيفة التي كانت رأس الحربة التي استندت عليها قطر في تشويه سمعة السعودية في هذه القضية.
المفاجأة الكبرى، والتي لم يحسب نظام الدوحة حسابها، جاءت بعد نشر صحيفة «واشنطن بوست» تحقيقًا مطولًا، يستند إلى 200 وثيقة، تكشف بكل وضوح، الطريقة التي كانت توجه فيها قطر مقالات خاشقجي، فكرةً وموضوعًا وصولًا إلى مضمونها.
الصحيفة الأمريكية، ذائعة الصيت، أقرت في سياق تحقيقها، أنها لم تكن تعلم بالعلاقة المشبوهة التي تربط كاتبها جمال خاشقجي بقطر، في اعتراف صريح منها، بهذه العلاقة.
الـ200 وثيقة، التي اطلعت عليها «واشنطن بوست»، تكشف الطريقة التي كانت تكتب بها مقالات جمال خاشقجي، في عملية قالت أنها كانت تُدار عبر مؤسسة قطر الدولية، وتحديدًا عن طريق مديرها التنفيذي «ماجي ميتشيل سالم» والتي تجلى دورها في طرح أفكار المقالات وصياغتها والمساعدة في ترجمتها عن طريق مترجم يعمل في سفارة الدوحة لدى واشنطن.
التدخل القطري في طريقة كتابة مقالات جمال خاشقجي، لا ينحصر فقط باختيار الموضوع، بل كان يُطال مستوى الحدة التي يجب أن تخرج فيها تلك المقالات، حيث تفيد الوثائق بأن «ماجي سالم» كانت تحث جمال خاشقجي لاتخاذ مواقف متشدِّدة في كل ما يكتب عن السعودية.
الوثائق التي اطلعت عليها صحيفة «واشنطن بوست»، لفتت النظر أيضًا إلى أن المدير التنفيذي لمؤسسة قطر الدولية والتي سبق لها وأن شغلت منصب مساعد السفير الأمريكي في تل أبيب في العام 2002، قامت بدفع أموال لباحث تولى صياغة الموضوعات المتعلقة بخاشقجي، وهي المعلومة التي تدعمها تصريحات محررة قسم الآراء في «واشنطن بوست» كارين عطية التي قالت أن المقالة الأخيرة التي نشرتها الصحيفة عقب وفاة خاشقجي وصلت من مترجم ومساعد له في اليوم التالي من اختفاءه، وهي التي وردت فيها عبارة قال فيها خاشقجي «تواصل حكومة قطر دعم تغطية الأخبار الدولية، خلافًا لجهود جيرانها الهادفة إلى إبقاء الرقابة على المعلومات دعمًا للنظام العربي القديم»، وهو ما يؤكد بكل وضوح تحكم قطر في سياسة المقالات التي كان يكتبها خاشقجي في الصحيفة الأمريكية.
ولم تستطع مؤسسة قطر الدولية التي تتخذ من واشنطن مقرًا لها، وهي فرع لمؤسسة أكبر تعمل داخل الأراضي القطرية، أن تنفي العلاقة التي تربطها بجمال خاشقجي.
تقول صحيفة «واشنطن بوست» أن المؤسسة المعنية اعترفت صراحة في تعقيبها على تساؤلاتها بوجود علاقة تربطها بجمال خاشقجي، في إقرار منها باستغلالها لتنفيذ أجندة قطرية مشبوهة ضد السعودية.
وطبقًا لرسائل «واتساب» المتداولة بين جمال خاشقجي وماغي سالم، فقد طلبت منه الأخيرة في إحداها، تشويه صورة السعودية بذكر علاقاتها بواشنطن وملف القدس والأحزاب اليمينية، غير أن خاشقجي كان متوجسًا بعض الشيء من طرح هذه الأفكار ضمن مقالته، طالبًا منها كتابة المقال نيابةً عنه، وما كان منها إلا أن ردت عليه بأنها ستحاول فعل ذلك، وطلبت منه كتابة مسودة أولية تتضمن الجمل التي بعثتها بها إليه.
العلاقة بين خاشقجي وماغي سالم، توطدت خلال فترة عمله في السفارة السعودية بواشنطن وتحديدًا في العام 2005، وعقب نشوب الأزمة القطرية، اجتمع بها عدة اجتماعات داخل الدوحة وخارجها، وعملت ماغي على مساعدة خاشقجي في الحصول على إقامة دائمة داخل الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن قرر المغادرة إلى هناك، كما عملت على مساعدته في شراء ملابس له من متجر مينز ويرهاوس، ورتبت حضوره إلى مؤتمر عقده معهد بروكينغز الممول من قطر، وسهلت خروجه في قناة BBC البريطانية بحضور قطريين.
يشار إلى أن التسريبات الجديدة التي فضحت توجيه قطر لمقالات جمال خاشقجي، تعد حلقة جديدة من سلسلة عدم وفاءها بالتزاماتها التي أبرمتها في أوقات سابقة، والتي تطالبها بالتوقف عن استعداء جيرانها.