كشف الدكتور عبداللطيف بن عبدالله بن دهيش؛ المهتم بالتاريخ والحضارة الإسلامية، أن "الفوانيس" والقناديل كانت هي أدوات الإضاءة في الحجاز، قبل ظهور الكهرباء، بينما يقابلها في مناطق نجد والشمالية والشرقية الأداة نفسها بمسمّى "السراج" و"التريك" ومسميات أخرى، حتى جاء إلى المدينة المنوّرة أول مولد كهربائي عام 1328هـ.
وأشعل الأمريكي "توماس أديسون"؛ ليالي الكرة الأرضية باختراعه "الكهرباء" التي يُطلق عليها "أم الاختراعات" نظراً لما يرتبط بها من ابتكارات واكتشافات متتالية.. وعلى الرغم من أن العبقري سُجل له ألف اختراع إلا أن العالم لا يعرف سوى "الكهرب" الذي غيَّر أسلوب الحياة.
وقال الدكتور "ابن دهيش" في مقاله بـ "البلاد": كانت الإنارة في معظم مناطق شبه الجزيرة العربية قبل مطلع الربع الثاني من القرن "14" الهجري تعتمد على الوسائل التقليدية باستخدام المسرجات والفوانيس ذات الأشكال المختلفة، التي تعتمد على الكيروسين أو بعض الزيوت لإشعالها، وكذلك استُخدمت الشموع والشمعدانات الكبيرة للإنارة في المساجد والدور وغيرها، نظراً لعدم وجود المولدات الكهربائية.
وأضاف: بدأت الإنارة في الحرمين الشريفين باستعمال المولدات الكهربائية الصغيرة لإنارة المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنوّرة، ففي عام 1327هـ تمت إنارة المسجد النبوي الشريف بمولد كهربائي محدود الطاقة، ثم أعقب ذلك إنارة المسجد الحرام بمكة المكرّمة سنة 1338هـ بمولد كهربائي صغير، وهذه المولدات تم التبرع بها للحرمين الشريفين من أحد الأثرياء المسلمين الهنود.
وأضاف: بعد ذلك جاء استخدام مولدات كهربائية صغيرة لإضاءة القصور والمنازل في الأحياء, وبعض المدن وخاصة في مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة والرياض وبعض دول الخليج، مثل الكويت والبحرين وإيران والعراق، ثم انتشرت المولدات الكهربائية في بقية مدن المملكة، وذلك بعد أن سمح الملك عبد العزيز؛ باستيراد المولدات الكهربائية من مختلف بلدان العالم، كما استُخدمت مطاحن الحبوب لتوليد الطاقة الكهربائية وعمل قوالب الثلج وذلك عام 1355هـ / 1936م.
وأردف الكاتب: عندما بدأت شركة الزيت العربية الأمريكية "أرامكو" أعمالها جلبت معها في عام 1356هـ / 1937م المولدات الكهربائية الكبيرة لاستخدامها في عمليات الحفر والإنارة، وتمّت إنارة مراكز الشركة في الظهران ورأس تنورة، ومناطق تصدير البترول إلى الناقلات.
وقال "ابن دهيش": الطاقة الكهربائية في المملكة هي ذات ذبذبة بقوة 60 سيكل، قوتها في بعض المناطق 110 فولت وحدة كهربائية، وفي مناطق أخرى 220 فولت وحدة كهربائية، وفي بعض المدن مثل الرياض وجدة يتم استخدام الوحدة الكهربائية ذات "110فولت" في الإنارة، والوحدة "220 وات" في أعمال التكييف والتبريد والتدفئة.
من جهته، روي الباحث الإعلامي منصور العساف؛ تاريخ وقصة الكهرباء، بقوله: دخلت المولدات الكهربائية إلى بلادنا بعد أربعين عاماً من إنشاء أول محطة توليد للطاقة الكهربائية في العالم، حيث أنشأ المخترع الأمريكي الشهير توماس أديسون؛ أول محطة صغيرة لتوليد الطاقة الكهربائية في "نيويورك" عام 1299هـ.
وأضاف: دخلت الكهرباء، بعد بزوغها في الحرمين الشريفين وفي أزقة مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة، إلى العاصمة الرياض عبر قصر المربع الذي استقبل أول مولد كهربائي أضاء غرف وحجرات ودهاليز القصر العتيد؛ الذي بدأ من خلاله "المربع" كأنه قلعة وسط النجوم، حيث الأرض الفضاء التي تبدو لسكان مدينة الرياض وللراحلة والمسافرين؛ وكأنها آية من آيات ذلك الزمان.
وأردف: بدأت الكهرباء بالانتشار شيئاً فشيئاً، واستطاع من خلالها الأهالي أن يمدّوا الأسلاك بين بعضهم بعضا وسط صورة من صور التعاون والتكافل الاجتماعي.
وتابع: مع نهاية القرن الهجري المنصرم، كان الوزير "غازي القصيبي"؛ يتربّع على عرش وزارة "الصناعة والكهرباء"، وذلك حين التوسع الشامل في تمديد التيار الكهربائي وإزالة الأعمدة والأسلاك الكهربائية ودفنها تحت باطن الأرض.
وبعد هذه الرحلة الطويلة في تاريخ الكهرباء، أصبحت في المملكة مصانع عدة للمحطات الضخمة والمولدات وصنع الكابلات وأسلاك التمديدات والمستلزمات الكهربائية بتقنية عالية الجودة تنافس المستورد منها.
يُشار إلى أن استهلاك الطاقة الكهربائية في المملكة متزايد، ومن أحد أسباب ذلك ضعف ثقافة الترشيد، وهناك محاولات حكومية عدة لترشيد المواطنين والمقيمين والعاملين في القطاعين الحكومي والخاص.
وتشمل هذه المحاولات جهود المركز السعودي لكفاءة الطاقة "كفاءة" التوعوية منذ عام 2014 م، كما أطلق خلال هذا الأسبوع حملته التوعوية "#لتبقى"، التي تعد الأضخم من نوعها، حيث تهدف إلى إيضاح أهمية ترشيد استهلاك الطاقة واستخدامها الاستخدام الأمثل في كل لحظة، لضمان ديمومة نموها وبقائها دون أن يكون لذلك أي تأثير في رفاهية المواطن.