أعرب كبار المسؤولين الأمريكيين علنًا في وقت سابق من هذا الشهر عن قلقهم المثير؛ من أن سلاحًا نوويًا روسيًا مضادًا للأقمار الصناعية يمكن أن يجعل أجزاء من الفضاء مهمة للأمن الاقتصادي والأمن القومي الأمريكي غير صالحة للاستخدام لمدة تصل إلى عام.
وتعمل الولايات المتحدة مع الشركاء الدوليين لمنع روسيا من تطوير هذا السلاح، لكن يتعين عليها أن تدرك حقيقة غير مريحة مفادها أنه يمكن لخصم ما أن يستخدم سلاحًا يحرم الجيش الأمريكي من الوصول إلى بعض أو كل قدراته الفضائية، ومن شأن مثل هذا الفقد أن يكون مدمرًا للأمن القومي الأمريكي، وبشكل أعم، لسبل عيشنا، وفقًا لنائب مدير مشروع أمن الفضاء الأمريكي كليتون سووب، في مقال نشره في موقع شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وألمح رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب مايك تيرنر، وهو جمهوري من أوهايو، إلى هذا التهديد الأمني القومي الجديد في فبراير الماضي، وأكد البيت الأبيض ذلك قريبًا، مشيرًا إلى أن مثل هذا السلاح لم يتم نشره ولا يشكل تهديدًا مباشرًا.
وتفترض نجاح العمليات العسكرية الأمريكية توفر الفضاء، مع قيام الأقمار الصناعية بأداء جميع أو أجزاء من الوظائف الحاسمة، مثل الملاحة والإنذار الصاروخي والاتصالات، ويتم وصف بعض هذه الوظائف بشكل محدد على أنها مهام "لا يمكن الفشل فيها".
وكانت آخر مرة اضطر فيها الجيش إلى القتال دون اتصالات الأقمار الصناعية خلال الحرب الكورية، حيث أطلق أول أقمار الاتصالات الخاصة به في الستينيات خلال حقبة فيتنام. وبدأ نظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس" في السبعينيات، ومن شأن حدوث انقطاع في أقمار "جي بي إس" الصناعية أن يجبر فرقة من مشاة البحرية على التنقل باستخدام البوصلة والخريطة، وهي الطريقة نفسها التي استخدمها أجداد أجدادهم في غوادالكانال وإيو جيما، خلال الحرب العالمية الثانية، وستكافح الولايات المتحدة للكشف عن إطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات أو التفجيرات النووية دون أقمار صناعية.
وسيكون الاضطراب في حياتنا اليومية غير قابل للتصور أيضًا، مما يؤثر على قدرتنا على التواصل مع بعضنا بعضًا والتنقل من مكان إلى آخر، بالإضافة إلى توفير معلومات الموضع والموقع لمجموعة من التطبيقات على هواتفنا، يعد "جي بي إس" المعيار الذهبي للوقت، وتعتمد شركات الطاقة الكهربائية وشبكات الاتصالات والمؤسسات المالية جميعها على التوقيت الدقيق المستمد من "جي بي إس".
وقبل الكشف عن تطوير روسيا لسلاح نووي مضاد للأقمار الصناعية، كانت هناك مؤشرات على الاعتراف العالمي بأن استخدام أسلحة فضاء معينة أمر سيئ للجميع، ولم تقم أي دولة بإجراء اختبار تدميري مضاد للأقمار الصناعية لمدة ثلاث سنوات تقريبًا.
وفي ديسمبر 2022، تبنت الأمم المتحدة، بأغلبية 155 دولة مؤيدة، قرارًا بقيادة الولايات المتحدة يدعم وقفًا اختياريًا لاختبار الأسلحة التدميرية المضادة للأقمار الصناعية. ولكن هذه هي اتجاهات زمن السلم التي تتعلق باختبار الأسلحة. خلال وقت الحرب، قد تقرر الصين أو روسيا استخدام سلاح يخاطر بتخريب وصولهما إلى الفضاء لمنع الولايات المتحدة من مزايا الفضاء التي تتمتع بها.
وقيام روسيا باستخدام حق النقض "الفيتو"، ضد قرار للأمم المتحدة برعاية الولايات المتحدة واليابان في إبريل لحظر الأسلحة النووية في الفضاء، وامتناع الصين عن التصويت، قد يشير إلى أن كلا البلدين يفكران في مثل هذه القدرة.
وللتصدي لهذا الخطر، يتعين على الجيش الأمريكي وصانعي السياسات إعادة النظر في الافتراضات الأساسية بشأن توفر الفضاء والنظر في أسوأ السيناريوهات، وينبغي عليهم تحديد المهام الحرجة، التي يمكن أداؤها فقط، أو على أفضل وجه، من خلال الفضاء، وتخصيص الموارد المحدودة لحماية الوظائف ذات الأهمية الحرجة فقط في الفضاء وإضافة المرونة إليها.