
في قلب إيران، تنتشر موجة من الحرائق والانفجارات الغامضة منذ أسابيع، تضرب مجمعات سكنية، مصافي نفط، ومنشآت حيوية، مما يثير الذعر بين السكان، وقد أشار مسؤولون إيرانيون، في تصريحات خاصة، إلى أن هذه الأحداث قد تكون أعمال تخريب مدبرة، مع توجيه أصابع الاتهام نحو إسرائيل، التي تتمتع بتاريخ طويل من العمليات السرية داخل إيران، وبينما يحاول المسؤولون تهدئة الرأي العام بتفسيرات تقليدية، تتصاعد المخاوف من تصعيد جديد بعد الحرب الأخيرة.
منذ منتصف يونيو 2025، اجتاحت إيران سلسلة من الحوادث المروعة، شملت حرائق في مصفاة نفط بعبادان أودت بحياة شخص وأصابت آخرين، وانفجارات في مبانٍ سكنية ومصانع أحذية، وهذه الأحداث، التي وصلت إلى معدل يومي تقريبًا، أثارت حالة من الفوضى وعدم الاستقرار. مسؤولون إيرانيون، بمن فيهم عضو في الحرس الثوري، أشاروا سرًا إلى أن التخريب هو السبب الأرجح، مشيرين إلى إسرائيل كالمشتبه به الرئيسي بناءً على تاريخها في تنفيذ تفجيرات واغتيالات داخل إيران، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وعلى الرغم من التفسيرات الرسمية التي تنسب الحوادث إلى تسربات غاز أو بنية تحتية متدهورة، فإن غياب أدلة دامغة يثير الشكوك، وتحدث مسؤول أوروبي لـ"نيويورك تايمز"، بشرط عدم الكشف عن هويته، أن هذه الأحداث تحمل بصمات التخريب، مشيرًا إلى إسرائيل كفاعل محتمل يستخدم الحرب النفسية لزعزعة استقرار إيران، وفي الوقت نفسه، يتجنب المسؤولون الإيرانيون الإعلان العلني عن هذه الشكوك، خشية أن يضطروا إلى الرد عسكريًا، خاصة بعد الأضرار التي لحقت بقدراتهم العسكرية في الحرب الأخيرة مع إسرائيل.
وعلى مدى عقود، خاضت إيران وإسرائيل حربًا خفية شملت هجمات سيبرانية، وتفجيرات، وضربات جوية، ونفذت إسرائيل عمليات سرية داخل إيران، استهدفت علماء نوويين ومنشآت عسكرية، بينما ردت إيران بهجمات على سفن إسرائيلية ودعم جماعات مسلحة، وبعد هجوم إسرائيلي استمر 12 يومًا في يونيو الماضي، تعهدت الموساد بمواصلة عملياتها داخل إيران، مما يعزز الشكوك حول دورها في الأحداث الأخيرة.
وتتجاوز هذه الأحداث الأضرار المادية، إذ تساهم في نشر الخوف والقلق بين الإيرانيين، فانفجار في مبنى سكني بقم، بدا وكأن قنبلة مزقته، وآخر في مجمع سكني بطهران مخصص لموظفي القضاء، أثارا تساؤلات حول استهداف أشخاص بعينهم، ويعتقد مسؤولون إيرانيون أن هذه الأعمال تهدف إلى بث الذعر بين النخب، على غرار هجمات سابقة استهدفت علماء نوويين.
وفي محاولة لتهدئة التوترات، أصدرت السلطات الإيرانية بيانات تنفي التخريب، مشيرة إلى أسباب مثل حرائق القمامة أو الحرق المتحكم في الأعشاب. لكن هذه التفسيرات لم تقنع الجمهور، الذي يعاني من فقدان الثقة بسبب تاريخ الحكومة في التعتيم، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، تنشر حسابات مرتبطة بإسرائيل رسائل غامضة، مما يزيد من حدة التوتر.
ومع استمرار هذه الحوادث، يتساءل الإيرانيون عما إذا كانت الحرب مع إسرائيل قد انتهت فعلاً، أم أنها تتخذ شكلاً جديدًا من الصراع الخفي، فهل ستتمكن إيران من احتواء هذه الأزمة دون الانجرار إلى مواجهة جديدة؟