أثارت بريطانيا والولايات المتحدة المخاوف من أن روسيا قد شاركت أسرارًا نووية مع إيران مقابل قيام طهران بتزويد موسكو بالصواريخ البالستية لقصف أوكرانيا، وخلال قمتهما في واشنطن العاصمة أمس الأول، أقرّ كل من رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأمريكي جو بايدن بأن البلدين يشددان التعاون العسكري في وقت تقوم فيه إيران بتخصيب ما يكفي من اليورانيوم لتحقيق هدفها، الذي طالما سعت إليه لصنع قنبلة نووية.
وذكرت مصادر بريطانية أنه جرت إثارة المخاوف بشأن تجارة إيران للحصول على التقنية النووية، كجزء من تحالف متعمق بين طهران وموسكو.
وفي يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، وجّه أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي، تحذيرًا مماثلًا خلال زيارة إلى لندن لعقد قمة مع نظيره البريطاني ديفيد لامي، على الرغم من أنه لم يحظَ باهتمام يُذكر، حيث كان التركيز آنذاك على إعلان الولايات المتحدة بشأن إمداد إيران موسكو بالصواريخ، وقال "بلينكن": "من جانبها، تتشارك روسيا التكنولوجيا التي تسعى إيران إلى الحصول عليها -وهذا طريق ذو اتجاهين- بما في ذلك القضايا النووية وكذلك بعض المعلومات الفضائية"، متهمًا البلدين بالانخراط في أنشطة مزعزعة للاستقرار تؤدي إلى "انعدام أمن أكبر" في جميع أنحاء العالم، وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
وحذرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا بشكل مشترك الأسبوع الماضي من أن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب "استمر في النمو بشكل كبير، دون أي مبرر مدني ذي مصداقية" وأنها جمعت أربع "كميات كبيرة" يمكن استخدام كل منها في صنع قنبلة نووية، ولكن من غير الواضح مدى المعرفة التقنية، التي تمتلكها طهران لبناء سلاح نووي في هذه المرحلة، أو مدى سرعة قيامها بذلك. ومع ذلك، فإن العمل مع المتخصصين الروس ذوي الخبرة أو استخدام المعرفة الروسية من شأنه أن يساعد في تسريع عملية التصنيع - على الرغم من أن إيران تنفي أنها تحاول صنع قنبلة نووية.
وتوصلت إيران إلى اتفاق في عام 2015 لوقف صنع الأسلحة النووية مقابل تخفيف العقوبات مع الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى - قبل أن يتخلى عن الاتفاق في عام 2018 الرئيس الأمريكي آنذاك والمرشح الجمهوري الحالي دونالد ترامب، وردت إيران على ذلك بانتهاك الحدود المتفق عليها لكمية اليورانيوم المخصب التي يمكنها امتلاكها.
وانتشرت المخاوف الغربية من أن إيران قريبة من القدرة على صنع سلاح نووي منذ شهور، مما ساهم في تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، التي كانت بالفعل في درجة عالية بسبب استمرار الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.
وبعد فترة وجيزة من إطلاق فلاديمير بوتين للغزو واسع النطاق لأوكرانيا، بدأت إيران في تزويد موسكو بطائرات شاهد دلتا وينج دون طيار، وساعدت روسيا في بناء مصنع لصنع المزيد من الطائرات دون طيار لقصف الأهداف في جميع أنحاء أوكرانيا. وفي أبريل من هذا العام، أطلقت إيران هجومًا بالصواريخ والطائرات دون طيار على "إسرائيل" على الطراز الروسي، على الرغم من أنه تم منعه وإيقافه بشكل أساسي بمساعدة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وعلى الرغم من أن روسيا وإيران ليستا حليفتين تاريخيًا، فقد أصبحتا أكثر اتحادًا في معارضتهما للغرب، كجزء من "محور الاضطرابات" الأوسع الذي يشمل أيضًا بدرجات متفاوتة الصين وكوريا الشمالية، مما يعكس عودة إلى حقبة التنافس بين الدول التي تذكرنا بالحرب الباردة.
وذكر "بلينكن" في لندن الأسبوع الماضي، أن المخابرات الأمريكية خلصت إلى أن الدفعة الأولى من الصواريخ الإيرانية البالستية عالية السرعة من طراز فاتح-360، التي يبلغ مداها 120 كيلومترًا قد تم تسليمها إلى روسيا.
وبالقدرة على ضرب المدن الأوكرانية الأمامية، التي تعرضت بالفعل للقصف، دفعت الصواريخ إلى إعادة تقييم جذرية في التفكير الغربي، بالإضافة إلى عقوبات اقتصادية جديدة.
وطار "ستارمر" إلى واشنطن في وقت متأخر من الخميس الماضي؛ لعقد قمة خاصة للسياسة الخارجية مع "بايدن" في البيت الأبيض، بدءًا بجلسة قصيرة بينهما في المكتب البيضاوي للرئيس المنتهية ولايته، تلاها اجتماع لمدة 70 دقيقة مع كبار فرق السياسة الخارجية لكلا الجانبين في غرفة بلو رووم في المقر الرئاسي، وطلب "ستارمر" من "لامي" إطلاع الحاضرين على زيارتهما إلى كييف للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وبعد الاجتماع بوقت قصير، قال "ستارمر": "إن الجانبين أجريا مناقشة واسعة النطاق حول الاستراتيجية".