
في قلب مدينة غزة، تحولت الأبراج السكنية إلى أنقاض تحت وطأة هجمات إسرائيلية مكثفة، فمنذ 5 سبتمبر الجاري بدأت إسرائيل حملة هدم استهدفت مباني المدينة العالية، مما أثار تحذيرات ومخاوف دولية من تطهير عرقي، فلماذا تُصر إسرائيل على تدمير البنية التحتية السكنية؟ ومن سيدفع ثمن هذه السياسات؟
ففي غضون أسبوعين، هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلية ما يصل إلى 20 برجًا سكنيًا في مدينة غزة، بحجة استهداف بنية حماس التحتية، وتُظهر صور الأقمار الصناعية دمارًا واسعًا في أحياء الزيتون، والتفاح، والشجاعية، والشيخ رضوان، وحذّرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أن هذه الأعمال قد تُشكّل تطهيرًا عرقيًا، مشيرةً إلى نية متعمدة لتهجير السكان، وفقًا لـ"رويترز".
وينفي الاحتلال الإسرائيلي وجود استراتيجية لتدمير غزة، وتؤكد أن هدفها تدمير حماس وإعادة الرهائن، لكن تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، التي تحدثت عن تدمير معظم غزة وحصر سكانها في شريط ضيق قرب الحدود المصرية، تُثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية. كما أن المتحدث العسكري ناداف شوشاني ادّعى أن الأبراج تُستخدم لمراقبة القوات الإسرائيلية، بينما نفت حماس هذه الاتهامات، واتهم تحقيق أممي إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، وهو ما رفضته إسرائيل ووصفته بـ"المتحيز".
وبرج المشطحة، الذي كان ملاذًا للطبقة المهنية والطلاب، تحول إلى ركام بعد تحذير إسرائيلي بالإخلاء خلال دقائق، والعشرات من العائلات النازحة، التي لجأت إلى الخيام حول البرج، واجهت مصيرًا مماثلًا. فتدمير حوالي 80% من مباني غزة، بما في ذلك 213 مستشفى و1029 مدرسة، يُفاقم الأزمة الإنسانية، مع تحذيرات من تفاقم الاكتظاظ في جنوب القطاع.
وفي ضواحي غزة، تتواصل عمليات التدمير بمعدل يومي يصل إلى 12 منزلًا في أحياء مثل الزيتون والشجاعية، ووثّقت منظمة "أكليد" الدولية أكثر من 170 حادثة هدم منذ أغسطس، باستخدام تفجيرات متحكم بها ومركبات مفخخة. وقدّر أمجد الشوا، رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أن 65% من مباني غزة دُمّرت أو تضررت بشدة، وهذا الدمار، إلى جانب إغلاق معبر شمال غزة، يهدد بتفاقم المجاعة ويُقيّد وصول المساعدات.
فهل ستتمكن غزة من استعادة حياتها، أم أن التدمير الإسرائيلي يُمهّد لتحويلها إلى أرض خالية من سكانها؟