أحدث إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، ارتباكًا كبيرًا في الدولة العبرية، ودفع الولايات المتحدة إلى التلويح بمعاقبة "المحكمة" وأعضائها!
وتتهم المحكمة "نتنياهو" و"جالانت" بسبع تهم كبرى، منها تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب باعتباره جريمة حرب، وتعمُّد إحداث معاناة شديدة، أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة، أو المعاملة القاسية باعتبارها جريمة حرب.
كما أدانتهما بالقتل العمد أو القتل باعتباره جريمة حرب، وتعمُّد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين باعتباره جريمة حرب، والإبادة و/ أو القتل العمد، بما في ذلك في سياق الموت الناجم عن التجويع، باعتباره جريمة ضد الإنسانية.
وإضافة إلى ذلك، شملت الاتهامات الاضطهاد باعتباره جريمة ضد الإنسانية، وأفعالاً لا إنسانية أخرى باعتبارها جرائم ضد الإنسانية.
واستندت "الجنائية الدولية" إلى عدد من الأدلة والبراهين؛ دفعت المحكمة إلى الاعتقاد بأن "نتنياهو" و"جالانت" يتحملان المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت على أراضي دولة فلسطين (في قطاع غزة).
ودفع مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بأن الجرائم ضد الإنسانية التي وجّه الاتهام بها قد ارتُكبت في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين الفلسطينيين عملاً بسياسة الدولة. وهذه الجرائم "مستمرة في تقديرنا" إلى يومنا هذا، بحسب نص البيان الذي نشره الموقع الإلكتروني للمحكمة.
وتقع المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا، وتختص بالنظر في قضايا جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، إضافة إلى جرائم العدوان. ويفسر النظام الأساسي للمحكمة تلك الجرائم بأنها الأشد خطورة، وموضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره.
ووصف رئيس وزراء دولة الاحتلال قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بـ"الـفضيحة". وقال "نتنياهو" إن "هذا الإعلان لن يوقفني، أو يوقف إسرائيل"، عن الحرب التي تشنها على غزة، التي قُتل فيها عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، فيما يواجه القطاع حصارًا وتجويعًا مستمرًّا، ولاسيما بعد سيطرة تل أبيب على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وهو المنفذ الوحيد الذي كانت تصل عن طريقه المساعدات الإنسانية إلى القطاع الجريح.
واستبق "نتنياهو" قرار "الجنائية الدولية" بمكالمة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل أسابيع من إصدار أمر الاعتقال بحقه، وطالبه بالمساعدة في منع المحكمة من إصدار مذكرات اعتقال بحقه وحق مسؤولين إسرائيليين كبار، حسبما قال مسؤولان إسرائيليان لموقع "أكسيوس" الأمريكي.
وكعادتها، حاولت الولايات المتحدة مساعدة حليفتها، من خلال ترهيب "الجنائية الدولية" وممثليها؛ للتوقف عن ملاحقة قادة إسرائيل؛ إذ تواتر عدد من الأخبار والتقارير عن سعي أعضاء الكونجرس لفرض عقوبات على أعضاء وممثلي المحكمة عقابًا على إصدار مذكرات اعتقال لمسؤولين إسرائيليين.
وأشار عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري ليندسي جراهام إلى أنه يسعى مع عدد من النواب الجمهوريين والديمقراطيين لمعاقبة المحكمة، وكتب عبر حسابه على منصة إكس: "إن هذا القرار المشين هو في الحقيقة صفعة على وجه السلطة القضائية المستقلة في إسرائيل، ويجب علينا ألا ننسى كدولة أن المحكمة الجنائية الدولية هددت باتخاذ إجراءات ضد القوات الأمريكية في أفغانستان، ونحن دولة غير عضو فيها".
وأضاف: "سأعمل بشكل محموم مع زملائي على جانبي الممر في كلا المجلسين لفرض عقوبات صارمة ضد المحكمة الجنائية الدولية. ومع ذلك، هذه هي أفكاري الأولية".
وأصدرت "الجنائية الدولية" في وقت سابق بيانًا، دانت فيه التحركات الأمريكية لعرقلة العدالة؛ إذ لفتت إلى أن استقلالها وحيادها يُقوَّضان عندما يُهدّد الأفراد باتخاذ إجراءات انتقامية ضد المحكمة، أو ضد موظفيها في حال اتخاذ قرارات بشأن تحقيقات تقع ضمن صلاحياتها. داعية إلى وضع حد فوري لما وصفته بـ"محاولات العرقلة أو التخويف أو التأثير بشكل غير مبرر على مسؤوليها".