فاز المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان بالانتخابات الرئاسية في إيران، اليوم (السبت)، متغلبًا على منافسه المتشدد في تصويت محوري وسط توترات متصاعدة محليًا ودوليًا، فمن بين 30.5 مليون صوت تم فرزها في جولة الإعادة أمس، حصل "بزشكيان" على 53.6%، متفوقًا على المتشدد المتطرف سعيد جليلي الذي حصل على 44.3% من الأصوات، فهل يستطيع "بزشكيان" إحداث تغيير إيجابي في علاقة إيران المتوترة مع الغرب، الذي يفرض عليها عقوبات؟
يعتقد خبراء استطلعت "سي إن إن" آراءهم، أن وجود شخصية أكثر اعتدالاً في منصب الرئاسة قد يسهل الحوار بين إيران والدول الغربية، وعلى الصعيد المحلي، قد يقوم "بزشكيان" أيضًا بإدخال بعض التغييرات الاجتماعية، التي ركز عليها خلال حملته الانتخابية، على الرغم من أن الخبراء يرون من أن مثل هذه الخطوات ليست مضمونة على الإطلاق.
وذكرت سانام وكيل، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاتام هاوس الفكري في لندن، أنه من غير المرجح أن تترجم انتخابات "بزشكيان" على الفور إلى تغييرات في السياسات، لكن "بزشكيان" أوضح أنه سيحاول العمل من خلال النظام وداخله من أجل تهيئة بيئة أقل قمعية، مضيفة أن الإصلاحي لم يضمن أنه قادر على إجراء تلك التغييرات، مما يدل على حدود سلطات الرئيس في إيران، ولكن قد يضيف ذلك مزيدًا من المساحة للمناورة فيما يتعلق بالحريات الاجتماعية.
وأعربت رعنا رجبى، وهي امرأة إيرانية، عن سعادتها لفوز "بزشكيان"، وقالت: "بصراحة، آمل فقط أن تنخفض الأسعار، وأن يسهل العثور على وظائف للشباب، وهذا كل ما في الأمر، ليس لدي أي مشاعر خاصة أخرى".
ويتولى "بزشكيان" الرئاسة في وقت تتصاعد فيه التوترات بين بلاده وإسرائيل وحلفائها الغربيين، بسبب الحرب في قطاع غزة، والتقدم الذي تحرزه إيران في برنامجها النووي، وقبل ثلاثة أشهر فقط، تبادلت إيران وإسرائيل إطلاق النار للمرة الأولى مع اتساع نطاق النزاع في غزة، وتستعد إسرائيل الآن لجبهة محتملة ثانية ضد "حزب الله"، الحليف الإقليمي الرئيسي لإيران في لبنان، وتصاعدت حدة الخطاب بين إيران وإسرائيل الأسبوع الماضي عندما قالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة: "إذا شنت إسرائيل عدوانًا عسكريًا شاملًا على لبنان، فستنشب حرب مدمرة"، ولا يتوقع الخبراء أن يغير "بزشكيان" المسار الحالي فيما يتعلق بإسرائيل.
وفي حين أن الدول الغربية لا تتوقع أن تغير هذه الانتخابات علاقتها مع إيران، فإن "بزشكيان" هو بالتأكيد مرشحهم المفضل، حيث إن منافسه كان سيؤدي إلى تصاعد هذه التوترات القائمة، بحسب ما رأى الخبراء، وقد تم التلميح إلى أن جواد ظريف، وزير الخارجية السابق وحليف رئيسي لـ"بزشكيان" والإصلاحي الذي أشرف على فترة دافئة نسبيًا من العلاقات الدولية قبل ما يقرب من عقد من الزمان، قد يكون مرشحًا محتملاً لشغل منصبه القديم في ظل الرئيس الجديد.
و"ظريف" كان الدبلوماسي الإيراني الأول، عندما أبرمت إيران اتفاقًا مع الولايات المتحدة والقوى العالمية للحد من الأنشطة النووية لطهران مقابل تخفيف العقوبات، وهي صفقة انهارت منذ ذلك الحين إلى حد كبير، وفي حين أنه يتمتع بشعبية بين الشباب الإيراني، فقد واجه أيضًا انتقادات من المتشددين في بلاده لكونه وديًا للغاية مع الغرب.