وسط تشاؤم بشأن إمكانية تجديده، وما سيترتب على ذلك من قفزة جديدة في الأسعار، تترقب الدول المستوردة للحبوب بقلق شديد، يوم 18 يوليو الجاري الذي ينتهي فيه تمديد اتفاق تصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية.
وقبل ساعات، أعلنت وزارة الزراعة الأوكرانية تراجع صادراتها من الحبوب بمعدل النصف في الأيام الأولى من يوليو، الشهر الأول من الموسم الجديد الذي يستمر حتى يونيو 2024؛ حيث بلغت 34 ألف طن فقط، أي نصف الكمية خلال الفترة نفسها من 2022.
وقال مسؤولون أوكرانيون إن روسيا تمنع فعلياً شحن الحبوب عبر موانئ البحر الأسود، وإن كييف يجب أن تكون مستعدة لتصدير الحبوب بشكل حصري تقريباً عبر موانئ نهر الدانوب.
ووفق "سكاي نيوز عربية" تخرج نصف صادرات أوكرانيا الزراعية من موانئ البحر الأسود، بموجب اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا بين موسكو وكييف يوليو 2022، تسمح فيه روسيا لأوكرانيا باستخدام هذه الموانئ خلال الحرب للتصدير، فيما تمر ربع الصادرات عبر موانئ الدانوب وربع آخر عبر حدود أوكرانيا الغربية.
إلا أنه إذا نفّذت موسكو تهديدها بعدم تجديد الاتفاق، فإن كييف تبحث زيادة التصدير عبر نهر الدانوب، لكن هذا يحتاج إلى تعميق قناة بيستر في النهر.
وتبرّر موسكو تهديدها بأنها وقّعت الاتفاق على أساس السماح لروسيا أيضاً بتصدير منتجاتها الزراعية، وخاصة الأسمدة، لكن لم يتم تنفيذ هذا البند من جانب الاتحاد الأوروبي.
أستاذ المياه والأراضي بجامعة القاهرة والخبير الإستراتيجي بالجمعية العامة لمنظمة الأغذية التابعة للأمم المتحدة "فاو" نادر نور الدين، يوضح أسباب تراجع الصادرات وتداعياته على الأمن الغذائي العالمي وأسعار الغذاء:
قال نور الدين، وفق سكاي نيوز عربية، إن اتفاق تصدير الحبوب بين أوكرانيا وروسيا حدد حصصاً معينة لكل دولة، ولم تفتح التصدير على مصراعيه، كما كان من قبل؛ حيث اشترطت روسيا ألا يكون تصدير أوكرانيا للحبوب مطلقًا كورقة ضغط على المجتمع الدولي للاستجابة لمطالبها في السماح لها بتصدير الأسمدة ورفع العقوبات عنها، كما أن بورصة شيكاغو للحبوب قدرت ما يمكن تصديره من القمح في أوكرانيا بـ 10 ملايين طن، ومن روسيا 50 مليون طن، لكن الاتفاق نص على إعطاء أوكرانيا حصة أكبر من روسيا.
وأضاف، تصدير أوكرانيا تراجع للنصف في القمح والذرة والشوفان والشعير والأرز؛ وهو ما قد يرفع أسعار الغذاء عالمياً.
ولفت نور الدين، إلى أنه في 18 يوليو الجاري سينتهي اتفاق الحبوب، وإن لم يتم تجديده سترتفع بشدة الأسعار؛ لأنه يخرج من روسيا وأوكرانيا 34% من صادرات الحبوب في العالم، أي الثلث.
وأسهم في رفع الأسعار من قبل، زيادة الإقبال على استيراد الحبوب؛ لأن دولاً في إفريقيا تعتمد في مضاعفة إنتاجها من الحبوب على الأسمدة الروسية المفروض حالياً قيود على تصديرها؛ ما أدى إلى تراجع إنتاجية الحبوب في تلك الدول بنسبة 30 - 50%؛ ما يعني اضطرارها للدخول في البورصة العالمية لشراء الحبوب لتعويض الفارق.
وأضاف أن هذه الأزمة ستستفيد منها الدول الأخرى المنتجة والمصدّرة للحبوب، مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والأرجنتين وفرنسا على حساب الدول المستوردة، خاصة الفقيرة.
وأعلن الكرملين، الإثنين، أن روسيا متشائمة بشأن احتمال تجديد اتفاق الحبوب؛ لأنه لم يتم إحراز تقدمٍ في تنفيذ ما يخص الصادرات الروسية.
وفي إشارة لاحتمال إبداء مرونة من جانب الاتحاد الأوروبي في تخفيف العقوبات لدفع موسكو إلى تجديد الاتفاق، تحدثت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، الإثنين، عن أن الاتحاد يدرس مقترحاً للبنك الزراعي الروسي، بإنشاء شركة فرعية تتيح له العودة للاتصال بالشبكة المالية العالمية "سويفت"، التي منعت العقوبات المفروضة على روسيا اتصال بنوكها بها بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022.